كأنني اقرأ تقاطر قوافل فزان على أطراف عباءتك المطرزة بلهيب شمس الظهيرة في قريتك البعيدة وأتهجى السراب اللاهث المتطاير خلفك ، أطارد لهيب أنفاس المهنئين خلف عودتك ظافراً .
تحميل ..
.
.
ضحكاتي تحترق ، لها طعم مثل طعم الرماد في فمي ، أبصقها قبل أن تصل إلى قلبي ، ولها رنة كاذبة كرجع الصدى في واد خال إلا من فحيح أفعى تحتضر ، أعرف كم يكلفني ثمن هذه الضحكة الطافية كالفلين على سطح الماء .
صديقاتي من حولي ثلاث ، يتجاذبن أطراف الحديث الهامس وأنا بينهن لا يربطني بجلستهن سوى خيط واه كخيط العنكبوت المتدلي من سقف ردهة الباحة المتشقق .
يبدوا أن لغة التواصل بيني وبينهن مفقودة أو أن حالة اكتئابي وقلقي سر يصعب اكتشافه ، كنت وكأنني أجلس عل ... قيس من حجر ..... قصة قصيرة
.
.
ضحكاتي تحترق ، لها طعم مثل طعم الرماد في فمي ، أبصقها قبل أن تصل إلى قلبي ، ولها رنة كاذبة كرجع الصدى في واد خال إلا من فحيح أفعى تحتضر ، أعرف كم يكلفني ثمن هذه الضحكة الطافية كالفلين على سطح الماء .
صديقاتي من حولي ثلاث ، يتجاذبن أطراف الحديث الهامس وأنا بينهن لا يربطني بجلستهن سوى خيط واه كخيط العنكبوت المتدلي من سقف ردهة الباحة المتشقق .
يبدوا أن لغة التواصل بيني وبينهن مفقودة أو أن حالة اكتئابي وقلقي سر يصعب اكتشافه ، كنت وكأنني أجلس على جمر ملتهب يقض مضجعي فأقف ، أستأذن الجميع لأخرج لكن أحداهن تشدني بل تأسرني عندما تخلق جوا أسطورياً رهيباً حولها فلا أملك من أمري شيئاً سوى النظر إليها وهي تثير هالة من الإشراق والانبهار حولها تسكبها رويدا رويدا لتلون بها جو الجلسة الشاحب أرى صدى ذلك في نفوس صديقاتي المتحلقات حولها وفي نفسي فأقف لحظة قصيرة كالملدوغة وأنا في حالة اندهاش شديدة خيل إلى أنها تطلب مني أن أجلس وتبدوا كأنها تقول أن جلستها لا تكتمل إلا في وجودي ، رغماً عني أجلس ، تتمادى في تعذيبي عندما تستلم دفة الحديث وتشرع في توجيه حديثها الساحر إلى والاستشهاد بي وأنا استمع في ذهول ، أتأمل حركة يديها وشفتيها ، أحاول قراءة تعبير وجهها وممارسة بعض تمارين الإيحاء الذاتي التي قرأت عنها في بعض الكتب ، تصورت نفسي في انسجام تام معهن ، وألقيت بأوامر صارمة إلى وجداني بالمشاركة والاندماج التام وبدأت أهز رأسي وأنفعل أبتسم وأبكي ، أهمس وأصرخ وأنصت ، لكنني أجد نفسي كالمتفرج على صورة بلا صوت ووجدتني أحاول التركيز كي اركب الصورة التي أمامي إلى أي صوت استحضره في الذاكرة ولكن عبثاً .
وجدتني أضطرب ، أرتجف ، أضحك ساعة تعلن صديقتي عن الحزن و أبكي خلال فضاءات الفرح الشاسعة وألوذ فراراً إلى الانزواء في ركن قصي من الباحة الكبيرة متعللة بصداع عنيف يطرق رأسي دون رحمة ،
أخال أحداهن تهرع إلى مساعدتي ، تجلب لي كوب من الشاي له رائحة تشبه إلى حد بعيد رائحة النعناع الزكية و قرص من الأسبرين القوي كدواء عاجل لصداعي الكاذب ، تصل دفة الحديث إلي ، أطالب بالمشاركة ، أجد نفسي في ورطة ، أستنجد بتمارين الإيحاء الذاتي ، أتخيل نفسي أخوض حديثاً شيقا وممتعا وأرى صديقاتي يضحكن طرباً في اندماج كامل مع حديثي ، أضحك ساخرة من نفسي إذ تتراءى لي صورة من الماضي السحيق موغلة في القدم ، وجه مجعد لشيخ وقور تجاوز الستين من عمره ضرير يحمل فانوسا وطفل بائس ، الأعمى يقود الطفل كلما سار والطفل تتعثر خطواته خلف الشيخ
- هذا هراء ، تقول أحدى صديقاتي .
أنتفض مذعورة ، أفشل في قيادة دفة الحديث وأعود إلى لعبة تركيب الصوت إلى الصورة والانزواء .
فجأة أجد نفسي وحيدة ، تنفرط حلقة صديقاتي واكتشف أنني أقف وسط باحة معرض كبيرة لنحات ناشئ تحيط بي تماثيل النساء وتلتف حولي ، تمتد يدي وبسبابة مرتعشة أحاول إزالة الغبار المتراكم عن جسد المجسم الصغير والمقلد لتمثال ربات الحسن الثلاث و أخرج في هدوء .
.
خيرية فتحي عبد الجليل / ليبيا أظهر الكل ..
تحميل ..
.
كنت مغمورة بوهج نور متدفق عندما شعرت بشيء حاد كالسكين ينغرس في صدري ، لم أنبين حقيقته إذ كنت في حالة انبهار شديدة ، بل كنت مصابة بحالة من الاندهاش أشبه بالشلل مصدرها ذاك النور المتدفق بوهج والذي غمرني دون سابق إنذار .
بدأ العرق يرشح مني في غزارة وسائل حار لزج الملمس يتدفق من صدري ، يغمر كل جسدي ويسفح على الأرض .
بصعوبة بالغة رفعت يدي الثقيلة المغمورة في السائل اللزج لأتبين أنه دم وأنه حار جداً وأحمر قان أيضاً ، رددت في وهن .. دم ؟
حاولت انتشال جسدي ، حاولت ... من سرق قلبي ...؟
.
كنت مغمورة بوهج نور متدفق عندما شعرت بشيء حاد كالسكين ينغرس في صدري ، لم أنبين حقيقته إذ كنت في حالة انبهار شديدة ، بل كنت مصابة بحالة من الاندهاش أشبه بالشلل مصدرها ذاك النور المتدفق بوهج والذي غمرني دون سابق إنذار .
بدأ العرق يرشح مني في غزارة وسائل حار لزج الملمس يتدفق من صدري ، يغمر كل جسدي ويسفح على الأرض .
بصعوبة بالغة رفعت يدي الثقيلة المغمورة في السائل اللزج لأتبين أنه دم وأنه حار جداً وأحمر قان أيضاً ، رددت في وهن .. دم ؟
حاولت انتشال جسدي ، حاولت النهوض ، لكن جسدي سقط مترنحاً .
كنت أرفض الاستسلام ، أرفض أن يتحول جسدي الجميل إلى مجرد جثة باردة ، لكن وعيي بدأ يذوي شيئاً فشيئاً وأنا أتشبث بأشعة النور الخافتة وأسمع صوتا من داخلي يهتف بي أن لا تيأسي يختلط بصوت إنذار سيارة الإسعاف ورجع الصدى لصفير أنفاسي الأخيرة .
الأطباء ، الممرضون والممرضات والممرضون يهرعون إلى غرفة الإنعاش ، يلتفون حول سريري ، ألمح أمي في الخارج منكوشة الشعر ، تصرخ ، تلطم خديها ، أراها في ثياب البيت الملطخة ببقع الطبخ والدهن ، صوت عويلها يعلو على صوت سيارة الإسعاف .
الطبيب يهمس في أذن أقرب ممرضة إليه :
- طعنة في الصدر، إيقاع النبض غير منتظم ، المريضة فاقدة الوعي والإدراك .
ثم يشير إلى فريق العمل قائلاً :
- باشروا الإنعاش فالنبض يتلاشى .
أحدهم تناول أنبوباً طويلاً أدخله برفق في فمي أسكت به زفير أنفاسي المتلاحقة بقوة ، صمت ثقيل بدأ يهيمن على غرفة العمليات التي نقلوني إليها على نقالة والطبيب يعلن :
- جهزوا حقن التخدير ، لا أمل ينتظر جسد هذه البائسة .
وأنا أعلن رفضي للاستسلام وأعلن غضبي واستنجد متعطشة لكل ذرة أكسجين في العالم ، خطوات أمي المتثاقلة أخذت رويداً رويداً في التلاشي ، لا بد وأنها تجلس في باحة الانتظار ، صوت عويلها الذي أقلقني تحول إلى نحيب خافت ، متقطع ، يعلو ، ينخفض ثم يعلو ، لكنه يتسلل خلسة إلى أعماقي ، الطبيب يجس نبضي ويمط شفتيه قائلاً بأسى :
- المسكينة !!
ثم يتناول مبضعاً ويحدث شقاً في الجانب الأيسر من صدري ، يمزق الشغاف الذي يغلف قلبي المصاب ، تمتد أصابعه الباردة ، تعبث في داخلي باحثة عن شيء ما ، تلتف في مهارة ودقة ورقة حول أشيائي الموجودة داخل القفص الصدري ، كنت أصرخ لكن صوتي بدا ضعيفاً واهناً لا يصل إلى أحد ـ استمرت أصابع الطبيب الرفيعة تجس أشيائي لكنه أخرج يده فجأة وجعل يهتف في من حوله فزعاً :
- الصدر فارغاً !! .
كانت نظراته تحمل كل فزع وخوف ودهشة العالم ، فيما يهتف بصوته المرتعش متسائلاً
- من سرق قلب المريضة ؟
غمغمة إثارة واندهاش تسري بين فريق العمل في غرفة العمليات الباردة .. الحيرة تلف الجمع المحتشــــــــــــــــــد حولي فيما يرتفع صوت سيارة الشرطة يختلط بنواح أمي الذي بدأ يعلو من جديد ويمتزج بصوت مكبرات الصوت في غرفة البث بقسم طوارئ المستشفى
أية سيفونية رائعة تعلن عن أغرب وأطرف سرقة في العالم .. وبعد التحقيقات تقيد الحادثة ضد مجهول .. وأرفع يدي الثقيلة الممدة وسط الأشياء المبعثرة لذاتي وأتمتم
- المهم أن لا يتحول جسدي إلى مجرد جثة جميلة باردة بلا روح .
لا أحد يهتم للترميمات الجبارة التي أقوم بها كي أعالج نفسي وألملم شتاتها الممزق ... وإذ ذاك ألمح قفاز الطبيب مبقعاً بدمي ومرمياً على بلاط غرفة العمليات .. عندها أبتســــــم هازئة من هروب الطبيب وفزعه .. ثم أسير إلى حيث كانت تجلس أمي .. أحتضنها ونخرج معاً .. يبتلعنا زحام المدينة ويغمرنا ضوء الشمس التي بدأت تشرق من جديد .
.
خيرية فتحي عبد الجليل أظهر الكل ..
تحميل ..
.ذلك الكســـــــــر العميق في الخاطر .. سيجبره الله .. ذلك الشرخ الفاجع في الروح الذي التهب ونز بالقروح بعدك وتلك الأسمال البالية وهندام القلب الممزق سيطويها الرحمن ويرتق الفجوات ويمسح الثقوب ، كل شيء سيكون بخير فقط كن مطمئناً ... سأُشيع غيابك بالشعر سأتسلى بعدك ببعثرة القصائد ، بالرسائل ، بثرثرتنا الطفولية ، بضحكاتنا ، سأعيد أحاديثنا على المسامع ، سأضحك من هفواتنا اللغوية وخلطنا للمفردات ، ومشاكسة الحروف وجعل الكلمات الرائعة تخصنا وحدنا ، سأتسلى بلحظاتنا المسروقة خلسة ... كن مطمئناً في الغياب .
.ذلك الكســـــــــر العميق في الخاطر .. سيجبره الله .. ذلك الشرخ الفاجع في الروح الذي التهب ونز بالقروح بعدك وتلك الأسمال البالية وهندام القلب الممزق سيطويها الرحمن ويرتق الفجوات ويمسح الثقوب ، كل شيء سيكون بخير فقط كن مطمئناً ... سأُشيع غيابك بالشعر سأتسلى بعدك ببعثرة القصائد ، بالرسائل ، بثرثرتنا الطفولية ، بضحكاتنا ، سأعيد أحاديثنا على المسامع ، سأضحك من هفواتنا اللغوية وخلطنا للمفردات ، ومشاكسة الحروف وجعل الكلمات الرائعة تخصنا وحدنا ، سأتسلى بلحظاتنا المسروقة خلسة ...ثق بأني سأكتب أسمك مئات المرات في الدقيقة وسأنطقه كثيراً أثناء الهذيان المحموم وارتفاع حرارة الحنين واشتداد هوس الاشتياق ..سأرتب صندوق الرسائل والصور كما لو كنت موجوداَ ، سأعيد قراءة الوارد والمرسل وصندوق المحذوفات و المحظورات وحتى المسودات ..سأجعل كل شيء على أهبة استقبال ، سأعقد اتفاقاً سرياً مع الرياح وسأسترق السمع لهسهسة أوراق الخريف ، وأنصت للغيوم والشمس والقمر وأتحالف مع الليل وأعقد العزم مع الفجر ، أتحاور سراً مع كل ساعات النهار وأرافق المساء وأنتظر لعل الكون يرهف السمع ، يخبرك بكل شيء ويأتي منك بــ أثر .
أذهب ما شئت ، جازف وأمعن وتوغل في قطع المسافات المتقدمة الفاجعة ، غادر مبتسماً ولا تلتفت ، فأنا هي أنا كما عرفتني دائماً لا أهوى الانتظار إلا في قاعات الاستقبال و صالات الموانئ والمطارات والسفن العائدة ، أنتشي لرائحة عرق العائدين و ترف عيني لحبر الجوازات المختومة والمؤشرة بالدخول ، واستنشاق الغبار العالق بالحقائب والأحذية المتلهفة للرجوع ، سافر ، غادر ، كن مطمئناً في الغياب .
خيرية فتحي عبد الجليل أظهر الكل ..
تحميل ..
. أظهر الكل ..
تحميل ..
نُبْذة
خيرية فتحي عبد الجليل
@wahaly
كاتبة ليبية
خيرية فتحي عبد الجليل
– مواليد مدينة البيضاء
– خريجة جامعة قاريونس – بنغازي
– المهنة :- معلمة ثانوي – تخصص كمبيوتر.
– تكتب الخاطرة والقصة القصيرة
– أعدت في صحيفة الجبل الأسبوعية بم
ليبيا
-
البيضاء
عضو 2016-04-15 08:48:49
المكتبة مشاهدة الكل
المتابِعون (25)
مشاهدة الكل
المتابَعون (33)
مشاهدة الكل