رواية مبهرة تمنح القراء لمحة عن السكان الأصليين لأمريكا بتراثهم وأساطيرهم وثقافتهم وملامح حياتهم التي لا نعرف عنها شيئا، فالسائد أننا نقرأ عن فظائع ما اقترفه الأوروبيون بهم دون الدنو والتعرف عليهم عن قرب ولكن هذه الرواية تفعل
سمعة الذئب في تراثنا سكان العالم القديم سيئة بلا شك ونميزعنه الكلب باعتباره صديق الإنسان الذي يحمي الحيوانات التي يربيها لطعامه من هجمات الثعالب والذئاب، ولكن يبدو أن السكان الأصليين لأمريكا يمتلكون نظرة مختلفة بعض الشيء فأسطورتهم تقول أن أبا البشر الأول له أخ توأم ...
رواية مبهرة تمنح القراء لمحة عن السكان الأصليين لأمريكا بتراثهم وأساطيرهم وثقافتهم وملامح حياتهم التي لا نعرف عنها شيئا، فالسائد أننا نقرأ عن فظائع ما اقترفه الأوروبيون بهم دون الدنو والتعرف عليهم عن قرب ولكن هذه الرواية تفعل
سمعة الذئب في تراثنا سكان العالم القديم سيئة بلا شك ونميزعنه الكلب باعتباره صديق الإنسان الذي يحمي الحيوانات التي يربيها لطعامه من هجمات الثعالب والذئاب، ولكن يبدو أن السكان الأصليين لأمريكا يمتلكون نظرة مختلفة بعض الشيء فأسطورتهم تقول أن أبا البشر الأول له أخ توأم ذئب وبذا يكون لكل بشري ابن عم من الذئاب يرتبط مصيرهما معا وقادران على التواصل الروحي وتقديم الدعم الضروري لبعضهما.
وذئب قصتنا شديد النبل عزيز النفس يحمل ثأر أبيه ولا يسلو إلا بالانتقام ويأبى في كبرياء أن تنبت بذوره بأرض الكلاب
ولدينا هنا ليو كوتنوار الأول طفل على أعتاب المراهقة يمر بما مررنا به جميعا في تلك المرحلة من محاولة تقديم العون للكبار فيزيد الطين بلة ولا تزداد الأمور إلا سوئًا وينال اللوم وخيبة الأمل بدلا من الإشادة والتقدير، ونجد أن ليو يحمل في أعماقه دوما إحساسا خفيا بالعار بلا ذنب حقيقي اقترفه لمجرد بقائه حيا بعد مقتل عائلته على يد المستعمرين البيض – وهو ذات ما يحدث لذئبه – أثناء محاولته لإحضار نجدة لهم فيفنون هم ويبقى هو وشقيق أكبر عليل يسعى ليو لإسعاده والمخاطرة بحياته للحصول على مهر ابنة زعيم القبيلة التي انضما إليها ويطلبها لأخيه ليكتشف بعدها أنها زوجة غير صالحة ولعنة على أخيه (مازلت الأبرع في إفساد حياة من أحب) ويظن ليو أن سبب كل ما يحدث له أنه مطرود من رحمة الخالق وقلوب مخلوقاته.
لدينا قصة ماري آن وتشارلي شقيقان هما لأب أوروبي فظ سكير من الغزاة وأم سوداء عبدة مختطفة من أفريقيا أورثت ولدها لونها وملامحها بينما حصلت الفتاة على ملامح أبيها ولونه لتروق له وبمعجزة ينقذها أخوها من اعتداء أبيها وتلتحق هي بسلك الرهبنة علها تجد خلاصا لروحها المعذبة ولكن لا تلبث علاقتها بأخيها أن تنكشف ومن هنا يصدق أنهما شقيقان لا أحد سيحب هذه الحقيقة وبالتالي لن تكون حقيقة أبدا فالإناث في بعض مجتمعات العالم القديم الذي ينتمي إليه الغزاة وسيلة إهانة إذا ما لاح احتمال اقترابها ممن هو حقير في عرف قومها وبالتالي كانت الفرصة لا تعوض لنوع آخر من الذئاب أن يطل من أعين البيض ذئاب تم خلط جيناتها بجينات الكلاب تسعى خلف نداء الدم بالأمر المباشر لإثبات حقيقة واحدة: نحن أكثر منكم مالا وأعز نفرا. فلا يحق لأسود أو أحمر أن يتطلع إلى من تحمل ملامح أوروبية أو يتعامل معها إلا باعتبارها تنتمي إلى القوم السادة، بالرغم من احتمال كون الأب الأوروبي مجرد متشرد في موطنه الأصلي أو قاطع طريق أو خاطف أطفال وربما كانت الأم الزنجية نبيلة بين قومها قبل أن يختطفها البيض إلى الأرض الجديدة ولكن من يدري الحقيقة في فيضان من غزاة كان كل منهم ذليل قوم عز ففجر.
وهنا كذلك ويدونجي الأنثى الخبيرة ذات الجمال اللاهب التي لم تترك رجلا خارج قبيلتها إلا وسعت لإغوائه حتى يسقط في شباكها، وتجيد استخدام نقاط الضعف باحترافية لتنال أغراضها فتهزأ بها عند زوجها ليبغضها وتمجدها في شقيقه الأصغر ليو وتنثر فيها سمها المخدر فتنفذ إلى أعماقه وتحتلها للنهاية حتى يبدأ في المقارنة بينها وبين زوجته ويرى من حقيقة نفسه أنه قد صار رجل فاقد الأهلية تتلاعب به شيطانة
صار ليو يمعن في تعذيب ذاته بالتعاون مع البيض باعتباره صار ملوثا للأبد حتى يتسبب في مقتل ذئبه وتلاحق اللعنة حفيده الذي يمل حكايات جدته ويدونجي – التي اعتنقت المسيحية طمعا في أن تجد ربا لا يعرف ماضيها – عن بطولات جده ويسعى للانسلاخ عن أصوله بالانضمام للبيض في الحرب العالمية الثانية ويعمل طاهيا لهم ويحترق وجهه جراء حوادث الحرب فيجدها فرصة للتنصل من هنديته ويتوسل لطبيب التجميل الفرنسي الذي يجري تجاربه على مصابي الحرب أن يغير ملامحه إلى أخرى أوروبية
الرواية في مجملها رحلة ممتعة أنصح بها بشدة
أظهر الكل ..ذئاب يلوستون
تدور أحداث الرواية عن الطبيب توماس متعدد العلاقات الذي يصادف تيريزا فيحبها ويقرر الزواج منها ويرى أنه لا تعارض بين محبته له واستمرار علاقته بنساء أخريات والذي يواجه مشاكل في عمله بسبب خواطر سياسية طرأت له فنشرها في جريدة مما أدى لإنهاء حياته كطبيب وانحداره ليعمل منظف زجاج ثم سائق شاحنة، ولدينا كذلك صديقته الرسامة سابينا التي تصف حياتها بأنها سلسلة من الخيانات المتكررة لأهلها وأفكارهم وللأرض التي جاءت منها والتي تحب فرانز ولكنها تتركه فور أن يقرر الزواج بها
كل ذلك في إطار دخول الروس إلى ...
تدور أحداث الرواية عن الطبيب توماس متعدد العلاقات الذي يصادف تيريزا فيحبها ويقرر الزواج منها ويرى أنه لا تعارض بين محبته له واستمرار علاقته بنساء أخريات والذي يواجه مشاكل في عمله بسبب خواطر سياسية طرأت له فنشرها في جريدة مما أدى لإنهاء حياته كطبيب وانحداره ليعمل منظف زجاج ثم سائق شاحنة، ولدينا كذلك صديقته الرسامة سابينا التي تصف حياتها بأنها سلسلة من الخيانات المتكررة لأهلها وأفكارهم وللأرض التي جاءت منها والتي تحب فرانز ولكنها تتركه فور أن يقرر الزواج بها
كل ذلك في إطار دخول الروس إلى تشيكوسلوفاكيا وسيطرة الشيوعية عام 1968 والحرب وما يتبعها وتأثيرها في الدولة التي لا يعلم معظمنا عنها الكثير.
زمن الرواية حوالي 12 عاما جزء منها – الخاص بتوماس وتريزا - في براغ عاصمة التشيك وجزء في زيوريخ بسويسرا ثم عودة إلى براغ ثم قرية ريفية، أما سابينا فتكون ببراغ في الجزء الأول ثم سويسرا ثم نجدها تتجول في عدة دول أوروبية وأمريكا
يدير كونديرا في تلك الرواية صراعا دائما بين الخفة والثقل أيهما أفضل وأيهما يجب أن يختار المرء ثقل المسئولية أم خفة الحرية، ثقل الالتزام بالمبدأ أم خفة التخلص منه، وهل أنت قادر حقا على تحمل نوع الثقل الذي اخترته؟ أم أن التخفف منه كان أولى بك منه؟ وبين الحيرة في أي الأمرين أثقل وأيهما أخف
فتوماس على سبيل المثال كان شغوفا بشدة بعمله كجراح إلى حد أن (يتملكه اليأس ولا يعود قادرا على النوم إن فشلت إحدى عملياته) فيكون الاستنتاج المنطقي هنا أن يموت توماس غبنا إن تم إجباره على التخلي عن مهنته، إلا أن العكس هو ما حدث فحينما تخفف منها وعمل منظفا للواجهات الزجاجية شعر بأن عمره صار أصغر عشر سنوات وصار مستمتعا بالاستشارات الطبية الخفيفة التي تطلبها منه العاملات بالمحال وبمشاركة الشراب مع المثقفين المضطهدين الذين صاروا يعتبرونه واحدا فيطلبونه للعمل ظاهريا ولمجالسته والنقاش معه في الحقيقة
تيريزا زوجة توماس من أكثر الشخصيات تأثيرا بالرواية بداية من حياتها التعسة مع أم تكره أباها وتحملها مسئولية تلك الكراهية باستمرار ففي رأيي ليس أتعس من شخص يتعرض للأذى على يد أقرب الناس إليه
من المهين أن تخبر إنسانا أنه لا يملك ما يميزه عن سواه فهو مجرد حبة رمل أو ذرة غبار وسط ملايين مثله لذا فليس له الحق في الإحساس بشيء من الخصوصية لمجرد أنه هو وهذا ما كانت تفعله أم تريزا معها دوما حتى يصل الأمر بتريزا لأن تعتبر أن الحياة مع أمها هي حياة في معسكر اعتقال
وهل كان للتشابه الشكلي بين تريزا وأمها تأثير حين تأملت ملامحها أمام المرآة وتساءلت عما سيحدث إذا استطال أنفها مليمترا كل يوم؟ ثم إذا تغير شيء مختلف في جسدها كل يوم حتى تتغير تماما فمن ستكون تريزا الحقيقية الأولى أم الأخيرة وهل تنتمي أصلا إلى الجسد أم الروح
أما سابينا فقد كانت تعاني من خشية كل أنواع الثقل فتخففت من أبيها وأهلها ثم من زوجها ثم من وطنها والرجل الذي أحبته لقد خشيت حتى ثقل القبر عليها فأوصت بإحراق جثمانها وذر رمادها في الهواء، إلا أن كل تلك الخفة لم تكن أيضا لتسعدها فقد كانت تجد فراغا خانقا يحيط بها من كل الجهات فهي أوضح مثال على الكبد الذي خلق فيه الإنسان وحيرته الدائمة
وعلى عكس ما كانت ترى سابينا نفسها نجد فرانز ينظر إليها باعتبارها إلهة فيرقبها في كل تصرفاته حتى في غيابها ويفكر في (المخلوقات السماوية تعرف كل شيء وترى كل شيء، وسابينا ستراه فيما لو اشترك في هذه المسيرة و ستسر لذلك و ستفهم أنه بقي على وفائه لها.) حتى يموت وهو يظن أنه يفعل ما يرضيها
قبل أن تنتصف الرواية علمنا بنبأ وفاة توماس وتيريزا فصرت أقرأ بقية قصتهما وأنا على علم مسبق بموعد الموت ووسيلته، (هذان سيموتان قريبا) كانت تتردد في ذهني مع كل قطعة جديدة من قصتهما، أذكر منذ بضع سنوات سمعت فتاة تتحدث بالصدفة عن بطل مسلسل تليفزيوني عرف أنه مصاب بمرض خطير فتقول (يا بخته عرف إنه هيموت) فتساءلت في نفسي أليس من المفترض أننا جميعا نعلم أننا سنموت يوما ما فلماذا ننحي هذا الأمر جانبا كلما ورد إلى تفكيرنا ونتهرب منه.
أما عن فكرة العود الأبدي التي يصفها كونديرا بأنها خرافة فقد رأيتها من خلال الرواية حقيقية بدرجة مفزعة فالكثير مما حدث في التشيك منذ 50 عاما –زمن أحداث الرواية – نراه هنا في مصر بتفاصيل شديدة التشابه مثل:
- الأيام الأولى للحرب والتي فتنت تيريزا واستفزتها للتفنن في تصوير مشاهد المقاومة، ثم العداء والكراهية التي انتشرت بين الناس بعد سنوات قليلة فيقارن عقلها بين رفع النساء للعلم في الأولى وتشاركهن في مقاومة وبين رفعهن للمظلات في اليوم الممطر وإصرارهن على التعامل فيما بينهن بشراسة وتعمد التنافس على القوة، ألا يشبه ذلك تكاتف الناس أثناء ثورة 25 يناير ثم الروح العدائية التي صارت تهيمن على الجميع حاليا وتوجيه الحنق والغضب في الاتجاه الخاطئ دائما
- كلمات السفير في الحانة التي تعمل بها تيريزا: سيدة تيريزا، للشرطة مهام عدة. المهمة الأولى كلاسيكية ومفادها أن يسمعوا ما يقوله الناس وينقلوه لرؤسائهم.
والمهمة الثانية هي التهديد. يُظهرون لنا أنهم يضعوننا تحت رحمتهم ومرادهم أن نخاف. وهذا ما كان يبغيه رجلك الأصلع.
والمهمة الثالثة تعني بإعداد مواقف يمكنها توريطنا. ما من أحد عاد يهتم بأن نُتهم بالتآمر على النظام لأن هذا يزيد من تعاطف الناس معنا. لذلك يُفضلون العثور على حشيشة في قعر جيوبنا أو أن يثبتوا بأننا اغتصبنا فتاة في الثانية عشرة. ويُحضرون صبية لتشهد على ذلك.
ينصبون للناس أفخاخا ليستعبدونهم ويستغلوهم لنصب فخاخ للآخرين. وهكذا دواليك، حتى يجعلوا شعبا بأكمله منظمة هائلة للمخبرين.”
فهل يتشابه ذلك مع الكثير مما يحدث في مصر؟
وماذا عن تنزيه الرؤساء دوما عن الخطأ والعبارات المصرية الشهيرة (هو مظلوم اللي حواليه هم اللي وحشين – بيتصرفوا من وراه – أكيد ميعرفش اللي بيحصل مستحيل يرضى بيه) ألا يتشابه ذلك مع الوضع هناك والذي أشار إليه توماس في تفكيره "السؤال الأساسي ليس: هل كانوا عارفين؟ بل: هل هم أبرياء لأنهم غير عارفين؟ إن غبياً جالساً على العرش، أهو منزه عن كل مسؤولية فقط لأنه غبي؟؟
- خمس سنوات قد مرت على اجتياح الجيش الروسي لبلاد توماس ولم يكن الناس الذين يصادفهم في الشارع هم أنفسهم الذين كان يراهم في السابق فقد كان نصف أصدقائه قد هاجروا والنصف الآخر ماتوا ... ولكن الموت كان ينزل أيضاً بهؤلاء الذين لم يكونوا مضطهدين مباشرة . كان اليأس الذي ضرب البلاد مستأثراً بالأجساد وزارعاً الذعر فيها ينفذ أيضاً إلى الروح
مما ضايقني في الرواية أن كونديرا لا يتوارى كما يجب على الكاتب خلف شخصياته ويتركها تحرك الأحداث وإنما يطل علينا برأسه كل بضع صفحات مذكرا إيانا أن أولئك ليسوا سوى شخصيات من صنعه فيقوم بتحليل شخصياتهم تارة ويفسر أحلام تيريزا أخرى أو يقول مثلا متحدثا عن توماس “أشخاصي لا يولدون من أجساد أمهاتهم كما تولد الكائنات الحية، ولكنهم يولدون من حالة أو من جملة أو من استعارة، تحوي في داخلها برعم إمكان إنساني صميم يخيل لي أنه لم يتسن لي اكتشافه بعد، أو أنه لم يكتب عنه شيئًا يستحق الذكر حتى الآن”، أو في قوله "كنت قد أشرت في القسم الثالث من الرواية إلى سابينا عندما ....)
وأخيرا فبالرغم من ثراء تلك الرواية بالأفكار التي تحض على التفكير إلا أنني لم أحبها ولا أظنني قد أرغب يوما في معاودة قرائتها.
أظهر الكل ..الرواية تحتوي بالفعل على الكثير من الثرثرة سواء على مستوى مجموع أبطال رواية أو في العقل المنهك لأنيس البطل الأول لها ، الشخصيات النسائية في الرواية كانت أكثر تحديدا ووضوحا وربما أقول انحرافا كذلك عن الفطرة البشرية السوية بعكس نصف عدد الشخصيات الرجالية فبخلاف أنيس ورجب وعم عبده (الذي يجمع بشكل غير مفهوم بين الحرص على الصلاة وإمامة المصلين وبين إمداد زوار العوامة بالمخدرات وفتيات الليل) لا تجد اختلافا كبيرا بين الأربعة الباقين فلا فارق بين كلمات س أو ص ولا بين أفعال ع أو غ < ... عن ثرثرة فوق النيل
الرواية تحتوي بالفعل على الكثير من الثرثرة سواء على مستوى مجموع أبطال رواية أو في العقل المنهك لأنيس البطل الأول لها ، الشخصيات النسائية في الرواية كانت أكثر تحديدا ووضوحا وربما أقول انحرافا كذلك عن الفطرة البشرية السوية بعكس نصف عدد الشخصيات الرجالية فبخلاف أنيس ورجب وعم عبده (الذي يجمع بشكل غير مفهوم بين الحرص على الصلاة وإمامة المصلين وبين إمداد زوار العوامة بالمخدرات وفتيات الليل) لا تجد اختلافا كبيرا بين الأربعة الباقين فلا فارق بين كلمات س أو ص ولا بين أفعال ع أو غ
لم أحمل ذرة تعاطف مع أفراد المجموعة بل ربما انطوت مشاعري نحوهم على شيء من القسوة تضاعف بعد حادثة الرجل المجهول، فلا أدري إن قابلتهم هل أعاملهم كسمارة مجرد شخصيات تصلح لقصة ابحث عنها أم بضع جراثيم يضعها الباحث تحت المجهر ليستطيع فحصها أم أتسامى فوق ذلك وأراهم مجموعة من البشر ولهم كل حقوق البشر؟
فالمجموعة تعشق ذاتها بعنف يصل إلى حد إهدار حق روح ماتت بأيديهم أعلم أنه من الرائع أن تسعى لإحقاق الحق والإصرار عليه مادمت لست متورطا في دفع ثمن ذلك أما الضعف البشري المفهوم فهو يدفع للتخاذل واختلاق المبررات ولكون رجب المصاب بدرجة متقدمة من النرجسية يعمل بالإخراج السينمائي فقد كان على دراية بكوامن الضعف النفسي ولاسيما في نفوس أصحابه وسمار لياليه فوضع المرآة أمامهم بقسوة وطلب إليهم اتخاذ القرار الذي يريده هو وإلا سيؤدي الأمر إلى (القضاء على سمعة ثلاث نساء وبهدلة الآخرين وسوقه هو إلى المحكمة) ليخفف عن نفسه وطأة عذاب القرار ويمعن في إشعارهم بالمزيد من المسئولية عن الحادث فهم شركاء والخطأ لا يقع على عاتقه وحده
ملحوظة تافهة ولكنها تسببت في غيظي وحيرتي: كلما جاء ذكر الثلاجة تم التعبير عنها بلفظ فريجيدير ومن يفعل ذلك لا يخرج عن ثلاثة أنماط ليس أنيس من بينها فهو إما : 1- عاش بالخارج سنوات طويلة فصارت العربية صعبة عليه
أو 2- شخص هبطت عليه نعمة مفاجئة فلم يجد وسيلة يحاول بها إيهام من حوله بأنه من نسل طبقة راقية سوى خلط كلمات عربية بأجنبية
3- مدعي ثقافة يحاول التعالي على العامة بازدراء لغتهم
ثمة احتمال رابع أن يكون زمن كتابة الرواية مع بداية دخول الثلاجات إلى مصر فكان لفظها الأجنبي أقرب إلى التداول كما نستسيغ نحن حاليا ألفاظ راديو وكمبيوتر وموبايل عن مذياع وحاسوب وجوال أظهر الكل ..
ثرثرة فوق النيل
انتهى اللعب وتسرع الطفلة إلى أسرتها وتأتيني إحدى الصغيرات لتسألني عن تلك الفتاة أتطلع إليها مندهشة وأسال: أليست صديقتكم؟
فترد أخرى : لأ لقينا حضرتك عارفاها ... دلفت من بوابة النادي ألحق بموعد لقائي مع بعض الأقارب ، أراهم من بعيد فألوح لهم وأقترب ، تسرع نحوي طفلة ذات وجه مألوف ولكني لا أذكر من هي تسلم علي بحرارة وأرد بحيادية ، تنضم فورا لفريق أطفال العائلة وتشاركهم اللعب فأظنها صديقتهم وأميل على إحدى قريباتي أسألها عن الطفلة فتنظر إليها بحيرة ثم يرتد بصرها إلى بنظرة "لا أدري" ونستكمل الحوار.
انتهى اللعب وتسرع الطفلة إلى أسرتها وتأتيني إحدى الصغيرات لتسألني عن تلك الفتاة أتطلع إليها مندهشة وأسال: أليست صديقتكم؟
فترد أخرى : لأ لقينا حضرتك عارفاها فلعبنا معاها
أنظر نحوها لأراها توشك على مغادرة البوابة فأطلب من الصغيرات ملاحقتها ومعرفة اسمها فتأتين بعد لحظات وتخبرني احداهن بلهجة منتصرة : اسمها شهد
لتعاودني ذكرى ما حدث منذ عام وبضع شهور عندما هاجمت آلام الأزمة القلبية أمي ونقلت إلى العناية المركزة بالمستشفى كان قد مر ما يقرب من يوم كامل على وجودها بالداخل وأنا أجلس وغيري من رفاق المرضى على المقاعد المواجهة للوحدة بانتظار أن يطلب منا أحدهم دواء ليس متوافر أو تناول عينة دم للتحليل أو حتى الدخول للمريض لمساعدته في طعام أو ارتداء ملابس أو الذهاب به إلى الأشعة وغيرها من المهام التي قررت هيئة التمريض أن توكل بها إلى أهل المرضى
كنت أجلس في مقعدي حين دخلت عائلتك يا شهد يحملون جدتك التي كانت تعاني من نفس الأزمة وكنت أنت صغيرة يا عزيزتي في السابعة تشعرين بارتباك وتوتر جلست إلى جواري وبعد أن هدأت أمور جدتك قليلا صرت تنظرين نحوي وتبتسمين في محاولة لكسر حاجز الجليد بيننا ربما رأيتِ في صديقة مناسبة ولكني لم أكن أمتلك البال الرائق لتبادل الحوار معك أو مع سواك
مرت ساعات طوال واستقرت حالتا امي وجدتك وحان موعد شقيقاي للجلوس مكاني بينما أعود للمنزل لسويعات قليلة أنال فيها قسطا من الراحة وأتم بعض الأمور الهامة هناك وأحضر لأمي ما تحتاجه ، اقتربت من الزجاج الذي أرقبها من خلفه لبضع لحظات قبل ذهابي فأسمع صوتك من خلفي: هي دي مامتك يا طنط؟
أجيب وكأن ما بيننا كان حديثا خفيا متصلا منذ ساعات: أيوة يا شهد مامتي
فتردين بابتسامة: متخافيش هخلي بالي منها لحد ما ترجعي .
وكأنك لم تسمعي حواري مع شقيقاي قبلها بلحظات ولكني أبتسم لك بإنهاك وأذهب
ولثلاثة أيام متتالية بعدها يا شهد كلما عدت تسرعين نحوي لتخبريني بما تجدينه من أمي كلما سمح لك التمريض بالدخول مع أمك لمراعاة جدتك ففي الأول تقولين لي بجدية انك اطمأننت عليها وأنها كانت نائمة وفي الثاني تخبرينني بسعادة أنك قلت لها: أنا شهد صاحبة طنط بنت حضرتك وفي الثالث تعلنيني في فخر أنك قد جلست معها لدقائق تسرين عنها وتحكين لها ما يحدث خارج الغرفة المغلقة وعن صداقتنا
ساعات طويلة لثلاثة أيام صرنا فيه صديقتين يفصل بينهما عشرون عاما، لم تتعلمي القراءة بعد ولكنك تطلبين مني أن أعلمك القراءة في مصحفي فنتشارك النظر إلى صفحاته سويا ويرتفع قليلا صوتي الهامس لترددي خلفي آيات الله وتسألينني عن معنى ما نسيتُ منه وأعدك بما لم استطع أن أفي لك به قط أن أعود إليك في اليوم التالي بالمعاني
صرت اقرأ في عينيكِ شغفا اختفى منذ زمن من هاتين العينين اللتين تطالعاني عبر مرآتي، تسألين في كل شيء وأحاول أن أكون مقنعة قدر استطاعتي حتى عندما تذكرت كيس البلالين الذي لا يفارق حقيبتي وحمدت الله أنه يكفي عدد الأطفال المتململين في الساحة فلا المكان مريح ولا يناسب شقاوتهم ولكنهم انشغلوا قليلا بالبلالين، فقط فضلت انت الاحتفاظ بها للمنزل ومواصلة الأسئلة وكأني أملك مفاتيح الغاز الكون ، أو متابعة الحكي عن مدرستك وأصدقائك وافترقنا يا عزيزتي وأنا اظن أنه فراق بلا لقاء وكيف كان لي أن أتنبأ أننا سنلتقي ثانية لأحاول الاحتفاظ بملامحك في ذاكرتي الضعيفة لوقت أطول
أخبرك سرا يا صديقتي؛ إن ذاكرتي لا تحتفظ بملامح الذين لم اقابلهم منذ عدة شهور وإن كنت أتذكر المواقف جيدا ولكم أورثتني تلك الذاكرة مشاعر الضيق من ظنون البعض بالتعالي إذا لم أحييهم أو أتعرفهم ومشاعر الخجل من كبيرات السن الطيبات اللاتي تربتن على كتفي بلطف وتقبلن اعتذاري بنظرات متفهمة ولكنها المرة الاولى يا صغيرتي التي تتسبب فيها تلك الذاكرة السخيفة في شعوري بالندم، فليتنا نلتقي ثانية وليتك تنسين مقابلتي الفاترة تلك علّي يومها أستطيع منحك تحية تستحقينها وترحيبا يليق بك أظهر الكل ..
(لماذا) ذلك السؤال الأبدي الذي يتم التعامل معه في مصر بالذات بأسلوب (هو كدة، بلا وجع دماغ)، الحقيقة أن عددا لا بأس به من المصريين لا يحبون وجع الدماغ فيلجأون إلى الإجابات السهلة – شخصيا لجأت كثيرا إلى إجابة سطحية جدا: أن المنطق يهوى الانتحار دوما على أعتاب المحروسة – ولكن في هذا الكتاب تجد العديد من (اللماذا) التي لا يلقي الناس بالا للبحث عن إجاباتها من باب (ترييح الدماغ)، يقدم التفسيرات العلمية المبنية على تجارب العلماء بجوار طرح الأمثلة التي قصد بها الكاتب أن يأخذك في جولة ... التجربة الفكرية
(لماذا) ذلك السؤال الأبدي الذي يتم التعامل معه في مصر بالذات بأسلوب (هو كدة، بلا وجع دماغ)، الحقيقة أن عددا لا بأس به من المصريين لا يحبون وجع الدماغ فيلجأون إلى الإجابات السهلة – شخصيا لجأت كثيرا إلى إجابة سطحية جدا: أن المنطق يهوى الانتحار دوما على أعتاب المحروسة – ولكن في هذا الكتاب تجد العديد من (اللماذا) التي لا يلقي الناس بالا للبحث عن إجاباتها من باب (ترييح الدماغ)، يقدم التفسيرات العلمية المبنية على تجارب العلماء بجوار طرح الأمثلة التي قصد بها الكاتب أن يأخذك في جولة تتعرف من خلالها على أسباب بعض التصرفات أو المشاعر غير المنطقية مثل:جمود الحضور عند تعرض شخص ما لورطة قاتلة أمام عدد كبير من الناس، لماذا يحيا البعض في عملية بحث دائم عن شماعة لتعليق أخطائه عليها؟ لماذا يبرر البعض ويساند عقاب الضحية وتبرئة الظالم؟ لماذا يؤذي الأنسان المقربون منه ويحاذر من فعل ذلك مع الأغراب؟ لماذا تزداد ثقة الجاهل بنفسه وتتراجع عند السوي كلما ازدادت معرفته؟ لماذا يشعر بعض المؤمنين أحيانا بالغضب تجاه الله أو الشك في وجوده؟ لماذا نقوم أحيانا بأفعال نقصد غيرها؟ لماذا تتأثر الجماهير بالعواطف والشعارات الرنانة عن المنطق وحديث المصالح؟ تمسك البعض بمواقفهم وإصرارهم عليها حتى النفس الأخير مهما كان خطؤها واضحا كالشمس؟ لماذا يخلط البعض بين الوطن وشخص الحاكم ولو كان ظالما قاتلا مختلا المهم أنهم فعلا يهتفون له بالروح والدم؟
فقط لي تحفظين على الكتاب فربما كان يصبح من أفضل ما قرأت لولا فجاجة العنوان وكونه مكتوبا بالكامل بالعامية – رغم علمي بذلك قبل شرائه ومع ذلك فعلتها بكامل إرادتي الحرة – إلا أن ذلك أورثني شعورا مزعجا بعدم الراحة رافقني طوال فترة القراءة فقد اعتدت العامية نوعا في الفيس بوك باعتباره ساحة للنقاش يحاول كل فرد فيها التعبير عن أفكاره بأيسر الأساليب عليه وأن هذا الكتاب في الأساس تجميعا لمشورات الكاتب على الفيس بوك والذي اتابعه بالفعل منذ عدة شهور إلا أنني لم ابتلع قط فكرة أن أمسك بين يدي كتابا عاميا ولو كانت ما ندعوه عامية المثقفين أظهر الكل ..
التجربة الفكرية
تمهل الأيام سليمة حتى تضع طفلتها ثم تفشي سرها لمحاكم التفتيش ويعلم القشتاليون سرك: إنها تقرأ وتحتفظ بالكتب التي امرنا بإحراقها ، بل وكذلك تبحث في العلوم وتخلط العقاقير وتعالج المرضى يا لفجرها، يجدون الصورة التي رسمتها للظبي صديق طفولتك ولكن عيونهم الحمقاء تراها صورة للتيس رمز الشيطان ، إذن فهي ساحرة. أتراك ضحكت من المشهد الهزلي رغما عنك حين حملوك موثقة في قفة، حين ارتدوا جماتهم المضحكة وعلت وجوههم سيماء الخطورة وهم يواجهوك بتهمهم ، و.... حين امروا بإحراقك حية . أعلم أن نارهم كانت عليك سلاما يا صديقتي فلا بأس عليك طبت وطابت روحك. أظهر الكل ..
ثلاثية غرناطة
وكبر الأمير وبدأ في رسم لوحة مبشرة بالروعة ولكنه قبل اتمامها شغف بالموسيقى وداعبت بدايات اللحن آذان معلميه وتنبأوا له بمستقبل رائع ، ولكن للأسف فاللحن لم يتم أبدا فقد احب الامير الكتابة والشعر ويقال أن الابيات الأولى لقصيدته التي لم تكتمل خلبت الألبا ... تقول الأسطورة أن الساحرة استاءت كثيرا من عدم دعوة الملك لها لحفل مولد الأمير ، فاصرت ان تكون ضيفة بحضور سمج تعلم معه أن اللعنة المباشرة سيردها لها الملك بهلاك فوري فابتسمت وهي تهمس بهديتها للأمير: لن يمر عليك ايها الأمير علم او فن إلا وبرعت فيه.
وكبر الأمير وبدأ في رسم لوحة مبشرة بالروعة ولكنه قبل اتمامها شغف بالموسيقى وداعبت بدايات اللحن آذان معلميه وتنبأوا له بمستقبل رائع ، ولكن للأسف فاللحن لم يتم أبدا فقد احب الامير الكتابة والشعر ويقال أن الابيات الأولى لقصيدته التي لم تكتمل خلبت الألباب والوريقات الأولى من قصته هزت النفوس ولكنه انشغل بعلم الفلك وتمنى لو رسم خريطة رائعة لمواقع النجوم وما ان بدأها حتى انصرف قلبه إلى محبة الطب وتخفيف الآلام وتصنيع الدواء وأدهشت عبقريته في الكيمياء علماء عصره ، ولكنه ما لبث ان اهتم بالزراعة وأسرار النبات ثم الهندسة وفنونها
ومرت السنوات والأمير روحا معلقة بالسحاب لم يعرف ابدا ما يحب ويجيد حقا، عينان على نجوم لن يبلغها وقدمان لا تكادان تمسان أرضهما ، ومضى العمر ومات الأمير ولم ينجز عملا قط أظهر الكل ..
الرواية هي التعارف الأول لي بكتابات ساراماجو وهي تكشف عن الطبيعة الحيوانية المختبئة تحت طبقات الحضارة والعلم التي غطتها على مدار قرون، فالناس يتساقطون في هوة العمى الأبيض بلون الحليب واحدا بعد الآخر بلا سبب معروف فتفزع الحكومة وتعزل المصابين في مبان خاصة تلقي لهم الطعام كالكلاب وتسخر من احتي ... ربما لم يكن قرارا صائبا تمام أن تكون بضع صفحات من رواية العمى لساراماجو هي خاتمة يومي قبل النوم كل ليلة لأسبوع أو يزيد فأحداثها أخذت تخالط مناماتي وتعيد إلي أحد أسوء كوابيس طفولتي الذي توارى عبر السنوات.
الرواية هي التعارف الأول لي بكتابات ساراماجو وهي تكشف عن الطبيعة الحيوانية المختبئة تحت طبقات الحضارة والعلم التي غطتها على مدار قرون، فالناس يتساقطون في هوة العمى الأبيض بلون الحليب واحدا بعد الآخر بلا سبب معروف فتفزع الحكومة وتعزل المصابين في مبان خاصة تلقي لهم الطعام كالكلاب وتسخر من احتياجاتهم ولو كانت رفشا لدفن موتاهم والتناقض الحكومي ما بين بيانات معلنة تعرب عن تضامنها مع المصابين وتتعهد بمؤازرتهم ليستعيدوا أبصارهم وأخرى خفية تتعامل معهم بقسوة بتقليل الطعام والماء والصابون ويخبرهم الجنرال بمكبر الصوت انه يتمنى لهم الموت علهم يريحوا ويستريحوا ويطالبهم الإعلام بمراعاة مشاعر المبصرين وعدم الخروج عليهم في الشوارع لئلا يفزعوهم بانتقال العدوى. (هل يقرع هذا جرسا ما؟)
أعترف أنني كلما أنهيت قراءة بضع صفحات أخبر نفسي أن لا يوجد أسوأ مما مر وأن القادم أفضل ولكن ساراماجو يأبى إلا أن يواصل جراحته الدقيقة في خلايا عقلي بمهارة المحترفين فيصب على جماعة العميان هنا مصيبة تلو الأخرى كما لم أستوعب سرعة مجموعة المجرمين وتنظيمهم السريع للاستيلاء على السلطة في المستشفى فالعمى – حتى ولو كان متوقعا – يجعل المرء يسقط في مزيج من المشاعر المرتبكة ما بين حيرة وغضب وخوف وحزن لا رباطة جأش تدفع أحدهم لاصطحاب مسدسه أو أن يصابوا بالعمى صباحا ويتعارفوا ظهرا ويكونوا تشكيلهم الإجرامي عصرا والحقيقة أنهم استحقوا مصير الحرق – برغم بشاعته – عن جدارة.
سبعة أبطال رئيسيون لقصتنا وثامنهم كلبهم أعجبني أن لم يمنحهم ساراماجو أسماء وإنما نعوتا تتعلق بالأعين بشكل ما فلدينا الأعمى الأول وزوجة الأعمى الأول ، طبيب العيون وزوجة طبيب العيون ، الفتاة ذات النظارة السوداء، والكهل ذو العصابة على عينه، و الطفل الأحول، وحتى الكلب الذي انضم إليهم في الثلث الأخير من القصة هو (كلب الدموع) الذي كان نعم عون للمرأة الباسلة زوجة طبيب العيون الوحيدة التي لم تفقد بصرها في الرواية والتي استطاعت أن تحافظ على الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية لمجموعتها دون أن تفقد عقلها وهي ترى وحدها الوجه الأكثر قبحا للعالم ما بين خيانة زوجها تارة والجروح المتقيحة لمصابين تحاول علاجهم أخرى وقتلى كل يوم برصاصات جنود يتحينون الفرص للقضاء على بعض العميان ثالثة والاعتداء عليها وعلى بقية النساء من قبل التشكيل العصابي مقابل الطعام رابعة وتماسكها لتقتل زعيمهم خامسة.
خرجوا من المشفى بعد أن أصيبت البلد كلها بالعمى ليجدوا المدينة قد تحولت إلى مقلب قمامة ضخم وعميان لم يعودوا من البشر يصلون لمنزل الطبيب وزوجته لتجد أن زجاجتين من الماء النقي مناسبة تستحق الاحتفال فتقدمه لهم في أفخم كؤوس الشراب.
اختيار أن تكون في أحد الموقفين صعب ما بين أن تكون أعمى عاجز مستسلم لمصيرك أو مبصر وحدك مثل زوجة الطبيب في مدينة العميان ترى وحدك تجرد البشر من إنسانيتهم في مقابل حد أدنى من الحياة
الرواية رائعة وجديرة بالقراءة فقط لمن كان قادرا على تحمل تلك الجرعة الضخمة من القسوة والكآبة ثم طرحها عنه سريعا ليستطيع مواصلة الحياة بعدها. أظهر الكل ..