"... الإنسان يحب الحقيقة حين تكون صالحة له وتراه عند ذلك يطالب بها ويترنم بمدحها ويلعن مخالفيها وهو يستمر بذلك مادامت الحقيقة بجانبه ولكنها لا تكاد تتحول إلى جانب خصمه حتى يبدأ بالنظر إليها من زاوية أخرى ونجده حينئذ يراوغ ويداور ويبحث عن الأدلة التي تقلل من شأن تلك الحقيقة وقد ينكرها إنكارا تاما في حال عجزه عن تفنيدها..." علي الوردي
هي: "الرجال قوامون على النساء" صدق الله العظيم، هكذا قالت وهي تجادل زوجها الذي راودها عن أجرتها الشهرية، لا أحد سمع تحاورهما يومها وهما في تلاسن وفوضى لا ل ...
"... الإنسان يحب الحقيقة حين تكون صالحة له وتراه عند ذلك يطالب بها ويترنم بمدحها ويلعن مخالفيها وهو يستمر بذلك مادامت الحقيقة بجانبه ولكنها لا تكاد تتحول إلى جانب خصمه حتى يبدأ بالنظر إليها من زاوية أخرى ونجده حينئذ يراوغ ويداور ويبحث عن الأدلة التي تقلل من شأن تلك الحقيقة وقد ينكرها إنكارا تاما في حال عجزه عن تفنيدها..." علي الوردي
هي: "الرجال قوامون على النساء" صدق الله العظيم، هكذا قالت وهي تجادل زوجها الذي راودها عن أجرتها الشهرية، لا أحد سمع تحاورهما يومها وهما في تلاسن وفوضى لا لاجم لهما.
هو : "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"، صدق الله العظيم، أنا قبلت بك وسمحت لك بالعمل على أساس التعاون معا...
قبل سنة من هذا الجدال.
هو: محمود رجل في العقد الرابع من عمره امتهن التدريس بعد أن أفنى عز شبابه في مستنقع البطالة، مضت عشرات السنين وهو يناجي حلم التوظيف إلى أن أتت الفرصة أخيرا.
كان نكرة غابرة لا يذكر له إسم والآن سجل إسمه في قائمة الموظفين وصار له رقم في سجلات المالية، ما إن توصل بمرتبه الأول حتى إقترن بعائشة زميلته الأستاذة التي إلتقى بها ذات صباح في مكتب المدير، لم تكن بشرتها الداكنة ولا ثقل ظلها حاجزا أمام رغبته في الظفر بزوجة موظفة تعينه على نوائب الدهر وتكالب الحكومة في رفع الأسعار.
بعد لقاءهما الأول سرعان ما تطور الحديث بينهما عبر الأثير لتتوطد العلاقة بينهما، فلم تكن الأمور معقدة كالمعتاد بحكم تقدمهما في السن ورغبة كل منهما في إصطياد الآخر، لذا فقد كان الوفاق بينهما في أعلى مراتبه، على الأقل قبل أن يطالبها بقسط من أجرتها...
لم يكن محمود يهتم كثيرا بالشكل والمظهر بقدر ما كان مهتما بإيجاد زوجة موظفة تعينه على بناء حلمه وتعويض ما فاته في سنوات البطالة العجفاء، يفكر المسكين في امتلاك شقة وسيارة وبعض الأشياء الأخرى، هو يعلم حق المعرفة أن راتبه هزيل ولن يدرك حلمه إن تزوج امراة مفلسة تثقل كاهله بالطلبات صباح مساء ظنا منها أنه يتقاضى أجرا جيدا يكفي لتلبية كل هواجسها ومتمنياتها الزائغة.
هي : عائشة فتاة ضاقت درعا بحياة العزوبية، وباتت تكره نفسها كلما نظرت في المرآة وتذكرت كل الكلام الذي يقال عنها، تكاد تصاب بالإكتئاب كلما تذكرت تعاليق أفراد عائلتها وهم يتساءلون عن موعد زفافها، "إمتى غنفرحو بيك"، هذه العبارة كانت كابوسا مرعبا بالنسبة لها.
لازالت تذكر حجم الحنق والغبن والغيرة التي غزت وجدانها يوم هاجمتها بنت عمتها ذات العشرين ربيعا والحديثة العهد بالزواج أمام العائلة، لقد نعتتها يومها بكل وقاحة "بالبايرة".
كانت عائشة تحس بنقص شديد كلما جمعتها ظروف العمل ببعض زميلاتها المتزوجات خصوصا أنها حاولت أن تمد جسور التواصل مع كل الزملاء الذين تعمل معهم ، كانت تحاول إغراءهم وإقناعهم بنفسها كزوجة بدءا بالأكثر إغراء وانتهاء بالأقل منهم إثارة للإهتمام...
وفي كل مرة كانت محاولاتها تبوء بالفشل، لم تكن تحصد إلا مزيدا من الخيبة مانحة بذلك لزملاءها مادة دسمة لتجاذب أطراف الحديث في المقهى كلما داهمهم الملل جراء الكلام حول مشاكل الترقية والشغب وتسلط المدير وغيرها من مواضيع رجال التعليم البائسة بؤس واقعهم المخزي.
لعبت عائشة منذ سنتها الأولى كل أوراقها في المؤسسة، وانتقلت بعد أن ضاقت درعا بالواقع للعالم الإفتراضي تتوسم فيه لنفسها عريسا ينقذها من نظرات المجتمع التي تنفذ إلى دواخلها كالرصاص.
كانت حائرة بين هذا وذاك، من موعد فاشل إلى آخر، ومن خيبة إلى أخرى كانت لاتزال إلى أن حل ذلك اليوم الذي قدر لها أن تلتقي بمحمود في مكتب المدير.
لم يكن إلا وافدا جديدا إلتحق بالمؤسسة لتوه إثر توظيف مباشر أعقب مرحلة مخاض سياسي مر به البلد.
محمود وهو يحادث المدير لم يكن مهتما لأمرها وهي التي ولجت لتوها إلى المكتب، لكن سرعان ما عرفهما المدير ببعضهما البعض لتبدأ الحكاية...
أظهر الكل ..ليل الفيلاج يختلف كثيرا عن نهاره، يختفي المارة رويدا رويدا تماما كما يزحف البرد ليحتل الأزقة العارية.
ألوذ بجوعي إلى مقهى عتيق، يديره رجل يتقن الصمت كإتقانه للطبخ تماما، ولجت إلى المكان وشيء من الحنين يشدني إليه، إني لأستشعر بداخله دفئا وسلاما ينعدم في غيره من الأماكن الرخامية مهما علا شأنها، هنا ينبعث عبق يتعالى على الوصف، هنا ملجأ من لا ملجأ له، يجتمع فيه البؤساء من كل الأصناف يجرون جلابيبهم الرثة حاملين معهم ملامحهم التي تكالب عليها التوتر ونوائب الدهر.
في ركن قصي جهة اليمين ...
ليل الفيلاج يختلف كثيرا عن نهاره، يختفي المارة رويدا رويدا تماما كما يزحف البرد ليحتل الأزقة العارية.
ألوذ بجوعي إلى مقهى عتيق، يديره رجل يتقن الصمت كإتقانه للطبخ تماما، ولجت إلى المكان وشيء من الحنين يشدني إليه، إني لأستشعر بداخله دفئا وسلاما ينعدم في غيره من الأماكن الرخامية مهما علا شأنها، هنا ينبعث عبق يتعالى على الوصف، هنا ملجأ من لا ملجأ له، يجتمع فيه البؤساء من كل الأصناف يجرون جلابيبهم الرثة حاملين معهم ملامحهم التي تكالب عليها التوتر ونوائب الدهر.
في ركن قصي جهة اليمين تقبع حصيرة حصباء بالية تغطي أرضية إسمنتية باردة، فوقها جثة خلدت للنوم، التفت في غطاء مزركش عتيق و انكمشت على نفسها متخذة وضعية الجنين، فكرت : قد يكون عابر سبيل، أو شخصا آخر، من يدري ما قصته؟!
في الركن المقابل طاولات وكراسي مبعثرة، تطفلت على أحسنهن حالا وألقيت عليها وعلى كرسي بلاستيكي ثقل جسدي الواهن، باغتتني طفلة لولا القرطين المذهبين في أذنيها لحسبتها طفلا لقصة شعرها وخشونة ملامحها، ترتدي قميصا خفيفا وسروالا لا يكاد يستر عورتها، تبدو في صحة جيدة رغم ما تقاسيه من ويلات التشرد، مدت يدها تتوسل عطفي " عطيني درهم"، تعلمت فن الإستجداء جيدا، فغدت تتقن حركة مد اليد وكسر العين والكتف ككل المتسولين، تأملتها جيدا في صمت، أعادت نفس الكلام لمرات مع زيادة شيء من السرعة والإلحاح، انتبه إلينا صاحب المقهى، سخر من الموقف قائلا " شداتك الديوانة"، نظرت إليه صامتا...
حدق فينا لحظة، هم بقول شيء ما، أحجم عن ذلك ثم انغمس في إعداد ما جئت لأجله، عادت صديقتي تساومني، قلت لها لا أملك درهما،مازحتها قليلا ، آستأنست بلطفي فصارت أكثر حافزية وإلحاحا، في البداية كانت محترسة وحذرة، يبدو أنها قد ألفت النهر والطرد، جل البؤساء والبدو يحترفون الفضاضة، قلوبهم قاسية و يعتبرون اللطف جبنا وضعفا، هكذا أظن، لازمتني لمدة حتى صار صرفها دون نهر عسيرا، بحثث في جيوبي عن بعض الفكة، لم أجد شيئا، وعدتها بدرهم إن هي انصرفت عني، لا أدري ماالذي جعلها تصدق وعدي، تحركت بعيدا عني، أخذت هاتفي بين يداي، إنغمست في الكون الإفتراضي، الفيسبوك عالم آخر، لا حديث فيه إلا عن المقاطعة، والمقاطعة أنواع...
دخلت أم الصبية فجأة، تحمل في يدها قفة بلاستيكية فارغة، تساوم صاحب المحل على مكان لقضاء الليلة في مقهاه، أسلوبها فض ونبرة صوتها شبيهة بنبرة الرجال، لا أنوثة فيها، ملابسها رثة وبالية تجر صندالا بلاستيكيا رديئا، تبدو في الثلاثينات من عمرها، تنعم بصحة جيدة، ربما كانت هذه الصبية المجهولة الأب ضريبة عليها، سمعتها تشكي بخل رجال الفيلاج لصاحب المقهى، تجاذبا معا أطراف الحديث لفترة، لم أفهم كثيرا مما قالوا، كان الكلام مشفرا ومحيلا على أشياء أجهلها...
حانت اللحظة التي انتظرتها، صار الأكل جاهزا، انغمست فيه وانشغلت به عمن سواه، عادت الصغيرة إلي، تود أن أقاسمها طعامي، نهرها صاحب المحل، ربما خيل إليه أنها تزعجني، تجاهلته و منحتها قسما من طعامي، فرحت به وابتعدت، صادفت قطا، متسولا كان هو الآخر، توقفت عن المضغ أرقب لقاء المتسولين، ما أغرب هذه الحياة!!!
انحنت له وأخذت تطعمه القليل من اللحم الذي قدمت لها، أثر ذلك في نفسي، إنها نبيلة النفس معطاءة رغم ظروفها القاسية، كل هذه الويلات وكل هذا الحظ السيء!!!! لكن مع ذلك لازالت طيبة الروح ترحم وتحن، ما أعقد الظاهرة الإنسانية وما أعسرها على الفهم، دخلت في مسلسل تأملات وغرقت في أفكاري....
أنهيت طعامي ودفعت ما كان على ذمتي، وفيت بوعدي للصغيرة ودعتها وكلي أسف على حالها، تمنيت لها حظا موفقا في مواجهة مصيرها المحتوم في بيئة ومجتمع بدائي متخلف يأكل فيه القوي الضعيف، انصرفت في حال سبيلي ومشهد إطعامها للقط لا يراوح بالي...
إنه القليل مما يستره ليل الفيلاج من مواجع...
أظهر الكل ..ليس حبا ذلك التي تقتله المسافات ويفنيه الغياب، ليس حبا ذلك الذي تتمخض عنه المظاهر والتجليات العابرة، ذلك الذي تحكمه المنفعة وتؤجج ناره المصالح.
كثيرة هي الأشياء التي يمكن أن تجمع بين أنثى وذكر، الحب آخرها وأجملها....
الحب عقيدة متينة، عتيدة، ينتهي إلى اعتناقها الصادقون.
الحب هو الإيمان، هو التصوف، هو المجرد اللانهائي...
هو الحياد، هو الصمت...
هو اليقين.
الحب إنتصار على لهب الإنتظار،
هو السمو في علياء الخلود.
الحب بذرة الحياة.
الحب بك ...
ليس حبا ذلك التي تقتله المسافات ويفنيه الغياب، ليس حبا ذلك الذي تتمخض عنه المظاهر والتجليات العابرة، ذلك الذي تحكمه المنفعة وتؤجج ناره المصالح.
كثيرة هي الأشياء التي يمكن أن تجمع بين أنثى وذكر، الحب آخرها وأجملها....
الحب عقيدة متينة، عتيدة، ينتهي إلى اعتناقها الصادقون.
الحب هو الإيمان، هو التصوف، هو المجرد اللانهائي...
هو الحياد، هو الصمت...
هو اليقين.
الحب إنتصار على لهب الإنتظار،
هو السمو في علياء الخلود.
الحب بذرة الحياة.
الحب بكل بساطة هو الإنسان.
أظهر الكل ..لعلك كنت شاهدا يا رب، لعلك كنت تراقبني من فوق سبع سموات حين استوقفني عبدك البئيس ذاك.
ربما أنت من قدر أن تتقاطع خطانا، أنا كنت ماضيا في طريق ينتهي إلى وجهة محددة وهو يسري وفقط.
كانت موسيقى كمان ملهمة تخترق أذني الداخلية، وجداني، وروحي حين تطفلت على مسامعي كلماته المبعثرة : "خويا دور معايا".
هو بقايا رجل ذو قامة طويلة، كث الشعر طليق اللحية مغبر الجبين والأعضاء، في سحنة وجهه المتجعد الذابل براءة ووداعة، يلبس جلبابا باليا متسخا مبتور الأوصال، إنه معذب لا محالة، شقي ومنبوذ.
لعلك كنت شاهدا يا رب، لعلك كنت تراقبني من فوق سبع سموات حين استوقفني عبدك البئيس ذاك.
ربما أنت من قدر أن تتقاطع خطانا، أنا كنت ماضيا في طريق ينتهي إلى وجهة محددة وهو يسري وفقط.
كانت موسيقى كمان ملهمة تخترق أذني الداخلية، وجداني، وروحي حين تطفلت على مسامعي كلماته المبعثرة : "خويا دور معايا".
هو بقايا رجل ذو قامة طويلة، كث الشعر طليق اللحية مغبر الجبين والأعضاء، في سحنة وجهه المتجعد الذابل براءة ووداعة، يلبس جلبابا باليا متسخا مبتور الأوصال، إنه معذب لا محالة، شقي ومنبوذ.
متشرد هائم على وجهه ككل المنكوبين على ظهر حبة الرمل هذه السابحة في كون لا حد له و التي آوت تشردنا الأزلي على ظهرها بعد أن طردت أنت يا رب أسلافنا من فردوسنا المفقود.
لعلك كنت شاهدا، تسمع وترى، لقد جاش وجداني عطفا عليه، لقد تخليت عن كل قناعاتي وعطلت ما يراه عقلي من رؤى، لقد تقاسمت معه بكل مازرعت في قلبي من صدق معاناته للحظات وتمثلت ألمه بداخلي، تبنيت قضيته، أشفقت على حظه التعيس، واستنكرت القسمة الضيزى التي ميزت بينه وبين الأغنياء المنعمين.
مددت يدي إلى جيبي، ذلك الجيب الأصغر، أنت تعرفه لا محالة، جويب صغير لايكاد سروال "جينز" عصري يخلو منه، نحشر فيه الفكة: نقود معدنية على اختلاف فئاتها.
مددت يدي إليه في خشوع وخضوع، أنت تعلم، إنه قرار صعب هذه الأيام، كيف لا يكون كذلك وحكومتنا ماضية في تقشفها وغيها، يوم بعد يوم تزيد من أثمان لقمة عيشنا وتثقل كاهلنا شيئا فشيئا.
لقد اتخذت ذلك القرار، رغم أني أعلم أن فقدان درهم أسهل مليون مرة من كسبه في أرضك هذه التي وكلت حكمها للشيطان ضدا في دعوات الصالحين المؤمنين المغبونين، التي كادت أن تشق صرح السماء، وما من استجابة، ربما في ذلك حكمة من يدري!
تخلصت فجأة من كل أنانيتي و من حبي للمال، من فلسفتي وواقعيتي وعقلانيتي، لقد كانت لحظة حميمية بجد وإنسانية بصدق تلك التي مددت فيها بيدي بضع دراهم، ومنحتها هدرا لعبدك المحروم ذاك، لقد تخيلتك تنظر إلي وتدقق في يدي وقد أتت فوق يده، افترضت أيضا أنك سمعت صوت الدراهم وهي تودعني باكية.
دراهم معدودات، ثمن بخس بيع به أجمل نبي من أنبيائك، هي شيء هين لامحالة، هكذا سيفكر عبيدك المنافقين، لكني أعلم أن قلة منهم ينتصرون على مازرعت في نفوسهم من شح بيديك، ربما لتمتحنهم ، هذا وارد.
ربما لو كنت ميسورا أكثر لنفحته بقشيشا أكثر.
هل تعلم أن معظم الناس لا ينفقون لرد مسألة متسول باسمك سوى "الله اساهل"، إنهم يتملصون من وصاياك ويردون الأمر لك، فأنت الغني وهم الفقراء، حتى وإن تصدق بعضهم فلحاجة في نفس يعقوب، فكثيرون من رعاياك هؤلاء يؤمنون أن الصدقة ترد البأس وتحميهم من المصائب، إنهم لا يقصدون وجهك الكريم إلا لماما.
بصفتي بائسا وفقيرا سابقا ولا أزال أرتقي سلم الفقر درجة درجة، أحيطك علما من باب الذكرى -لأنك تعلم مسبقا ذلك أيضا- أنني ذات يوم بل ذات أيام كانت حياتي أصعب مما هي عليه الآن، حينها كان جوعي يحارب بدرهم واثنان، لذلك بت الآن أقدر قيمة النقود.
درهم واحد قد ينقذك من الجوع، قد يشتري لك قطعة خبز، قد تحصل مقابله في أسوء الحالات على سيجارة تقطع بها يأسك شطرين، قد تهاتف به قريبا لينقذك من ورطة خانقة، قد تفعل به أشياء وأشياء.... وما بالك ببضع دراهم.
الآن وقد تصدقت نقصت ثروثي دراهم، وازدادت ثروة عبدك المشرد ذاك بنفس القدر...
أتعلم ماهو عزائي؟
إني أعترف وسأعترف أنني لم أفكر لحظتها في الحور العين – وما أحوجني إلى واحدة- ولا في أنهار اللبن والخمرة التي وعدت بها عبيدك الطائعين، لم أفقد دراهمي طمعا في ذلك، ولا خوفا من لهيب السعير، لم أشأ أيضا أن أكفر عن خطاياي وزلاتي وهي كثيرة، لم أتخيل أني أستطيع ذلك.
لقد تنازلت عن ملكية تلك الدراهم طوعا لأن ذلك يولد في نفسي شعورا جميلا، أنت تعلم طبيعته، أنا عاجز عن وصفه كعجزي عن مجاراة كل أوامرك واجتناب نواهيك المكبلة.
بت الآن على بينة من أمر واحد هو أن ما يستحق العناء هو ذلك الصفاء وتلك السكينة والطمأنينة والروح المتفائلة الطيبة والإحساس الإيجابي المتفائل، هذه الأمور التي يمكن اختزالها في عبارة واحدة : " السلام الداخلي"،
ذلك قصدي وما أسعى إليه طوال يومي، أعتنق كل ما من شأنه أن يعززه وأنفر بل أجعل بيني وبين كل ما يمس به بعد المشرقين والمغربين.
أنشر الحب والسلام من حولي وأساعد الآخرين ما استطعت لأن ذلك يجعلني فخورا بنفسي كإنسان و يولد بداخلي إحساسا عذبا وطيبا.
هل تراك تقدر في هذا يا رب؟؟
أظهر الكل .....
ما أجمل أن تكون أنت أنت. ما أجمل أن تتقبل وتصالح ذاتك وتركن إليها باطمئنان وسلام.
أن تكون ممتنا للحياة لأنها وهبتك فرصة ثمينة لن تتكرر...
ما أجمل أن تضع كل انشغالاتك الفكرية والمهنية والأسرية جانبا لتقتنص لحظة هدوء ناعم... أن تتجرد من نهمك اللامحدود لتملك أشياء عارضة شأنها شأنك في هذا العالم، كلاكما يفنى ويزول.
ما أجمل أن تنزل حملك الثقيل من على ظهرك لتستريح، لتنظر إلى العالم من زاوية العشاق الموغلين في الزهد والتصوف،
ما أجمل أن تدير وجهك للعالم، ولكل شيء ...
...
ما أجمل أن تكون أنت أنت. ما أجمل أن تتقبل وتصالح ذاتك وتركن إليها باطمئنان وسلام.
أن تكون ممتنا للحياة لأنها وهبتك فرصة ثمينة لن تتكرر...
ما أجمل أن تضع كل انشغالاتك الفكرية والمهنية والأسرية جانبا لتقتنص لحظة هدوء ناعم... أن تتجرد من نهمك اللامحدود لتملك أشياء عارضة شأنها شأنك في هذا العالم، كلاكما يفنى ويزول.
ما أجمل أن تنزل حملك الثقيل من على ظهرك لتستريح، لتنظر إلى العالم من زاوية العشاق الموغلين في الزهد والتصوف،
ما أجمل أن تدير وجهك للعالم، ولكل شيء تعلمته... إلا اللغة تمتطيها لتلعب كالأطفال المبتدئين على شطآن البلاغة والأدب والفلسفة.
ما أجمل أن تجمع كل المفاهيم المقلقة (الصراع الطبقي، الفقر والغنى ، العدل واللاعدل، الخير والشر، القهر ، بؤس العالم ، الظلم، العدوان، التعاسة ، الإستعباد، الشؤم...) في كيس بال وترمي به في أدنى رف بالدولاب ثم تحكم إغلاقه.
ما أجمل أن تبتسم لنفسك دونما سبب في غمرة وحدتك، لا في وجه أنثى حسناء لتتوسل ودها، أو في وجه غني جائر أو قوي قاهر لتستجدي عطفه.
أنت تبتسم لأنك تقدر نفسك ووجودها، تبتسم لأنك تؤمن أن الإبتسامة ليست مجرد تعبير جسدي لتقريب الذوات من بعضها البعض، بل هي قيمة عليا ووجود مستقل الذات يجسد الفضيلة في أرقى معانيها.
ما أجمل أن تحس بالحب المؤنسن الذي لا حدود له يخترق ذاتك، يجعلها تسمو وترتقي عما هو وضيع، إنه حب طاهر لا يجد قيمته في مصلحة عارضة أو في نزوة عابرة، بل هو قيمة عليا في ذاته.
ما أجمل أن تحب دونما مقابل...
أن تحب صديقك لأنه نسخة معدلة منك، يشعر بما تشعر، ويقاسمك الوعي ذاته والمصير نفسه، تحبه لأنه مرآة ترى من خلاله أناك.
ما أجمل أن تحب أمك وأباك لأنك امتداد مادي ومعنوي لهم، استمرارية صارخة تتحدى الفناء وتنتصر للخلود الذي أرق البشرية منذ أن اكتسبت وعيا بانسانيتها.
ما أروع أن تحب الكتابة لا لأنها تدر عليك دخلا، أو ترفع منزلتك في نسيج المجتمع، تحبها لأنها جزء منك تعبر بها ومن خلالها عن ذاتك.
ما أجمل أن تدرك أنك نسخة فريدة من نوعك تشبه الآخرين وتختلف عنهم في كل شيء.
الكتابة تجسيد لإنسانية الكاتب يثبث من خلالها أنه ليس مجرد حيوان أوجدته الحتمية الطبيعية ليعيش ويتغذى ويتناسل.
لكي نكتب يجب أن نفكر أولا، ومتى ما تجرأنا على التفكير فإننا نسمو بذلك إلى مراتب أعلى وأرقى تقربنا زلفى من عوالم الصفاء والقدسية.
الكتابة تنتشلنا من هذا العالم المخيف بكل عبثيته وتناقضه، بكل الهمجية والقذارة التي يقوم عليها بنيانه، تنتشلنا بأياد خفية سحرية في غفلة عن حراس المعبد وخدام الرب وجنود الشيطان.
الإنسان لم يعد ذلك الكائن المذنب والمدنس الذي عليه أن يقلق دوما لخطاياه، أو أن يعيش التشطي والإنفصام بين ضمير معاتب ونفس تواقة للجمال.
لم يعد الإنسان ذلك الكائن الذي عليه أن يسعى سعيا حثيثا للتكفير عن ذنب كونه إنسان.
ليس هناك شخص طيب بطبعه ولا آخر نذل بطبعه، الشخص نتاج التفاعل بين قوى الخير والشر بداخله، ومتى ما انتصرنا للخير كنا أخيارا ومتى انتصرنا للشر صرنا أشرارا...
ما أجمل أن تقرأ تفاصيل كينونتك حين ترتسم معالمها في عيون الآخرين.
جميل أيضا أن تغوص بحدسك واستبصارك في أعماق ذواتهم، وأن تتتسلى بكشف نواياهم وأسرارهم وتقييمهم لك.
أن تعاين انفعالاتهم، تحرجهم، استحياءهم، غيضهم وهو يغلي، حقدهم الدفين، حبهم، تكبرهم ....
ما أجمل أن تقابل ردود أعداءك وهم كثير بالجفاء واللامبالاة، جفاء لا ينبع من إحساسك المفرط بذاتك أو من تكبرك واستعلائك وتضخم أناك الأعلى، والنظر إلى نفسك كأنك الرب الأعلى ومركز الكون وما دونك كومبارس يملؤون تفاصيل المشهد كي لا يبدو مبتورا.
إنه جفاء ينبع من وعيك الواقعي باستحالة ثأثيرهم عليك.... فأنت الآن بفكرك النقدي محصن ضد كل شيء.
محصن بتوازنك، بثقتك بنفسك وايمانك بوجودك المنفرد الذي يسبق وينفصل عن كل وجود آخر.
لن تضرك أقوالهم ولن تنفعك، لن تدفع عنك الموت ولن تجلب لك الخلود فتلك أقصى أماني بني البشر.
لن يضرك نعتهم لك بأوصاف قد لا تحبها، إن أنت تحكمت في انفعالاتك ودققت في تفاصيل وجودك وسميت الأسماء بمسمياتها....
ر.ط
أظهر الكل ..هذا الصباح وما يجثو على كاهله من صقيع يجعل الخروج من تحت الأغطية الدافئة إلى العراء البارد صعبا وثقيلا كلحظة الولادة، لدي متسع من الوقت لأنعم بقليل من الدفئ زيادة، أستطيع تأجيل اليوم ساعة أخرى أو ساعتين، أنا سيد وقتي.... ولتذهب حكمهم المظللة إلى الجحيم...
لا أعرف كيف أقنعونا نحن الكداح أن نستيقظ باكرا كل صباح مع صياح الديكة المغرورة بريشها المزيف. لقد أقنعونا أن "الفياق بكري بالذهب مشري" لقد خدعونا لأنهم لا يستيقظون وقت الصقيع،
البرد عدو لذوذ، خصم خفي بارع التسلل، يدخل بغير استئذ ...
هذا الصباح وما يجثو على كاهله من صقيع يجعل الخروج من تحت الأغطية الدافئة إلى العراء البارد صعبا وثقيلا كلحظة الولادة، لدي متسع من الوقت لأنعم بقليل من الدفئ زيادة، أستطيع تأجيل اليوم ساعة أخرى أو ساعتين، أنا سيد وقتي.... ولتذهب حكمهم المظللة إلى الجحيم...
لا أعرف كيف أقنعونا نحن الكداح أن نستيقظ باكرا كل صباح مع صياح الديكة المغرورة بريشها المزيف. لقد أقنعونا أن "الفياق بكري بالذهب مشري" لقد خدعونا لأنهم لا يستيقظون وقت الصقيع،
البرد عدو لذوذ، خصم خفي بارع التسلل، يدخل بغير استئذان من فجوات النوافذ الموصدة والأبواب المغلقة، ينزل من السماء يصعد من تحت الأرض ليحاصر الكداح الذين لا يتوقفون في سبيل كسرة خبز وماء، حين أستيقظ باكرا مرغما في بعض الأيام،، لا أصادف في طريقي سادة المجتمع، لا تتزاحم على أبواب الحافلات إلا أسراب العمال البائسين والطلاب المفلسين، وشرذمة من الرثين والتائهين...
أباطرة المال لا يفوتون دفئ الفراش في صباح بارد، هناك من هو أدنى منهم طموحا وعقلا وأقوى منهم جسدا ليعمل ويكد عنهم بالنيابة، أنا بدوري أحدو حدوهم في معانقة الدفئ لا المال.
صباح الجد و الأمل.
أظهر الكل ..فالبرد يحيط بالقرية من كل مكان، الليل ساكن يئن تحت وطأة الظلام، وفي الغرفة وحدة موحشة...
في الصدر ما في الصدر من حنين،
و في جوف الخاطر إيقاعات وأنين.
في المخيلة مئات الأسماء،
مئات الأماكن.
في القلب ألوف الأماني والصور و نصب العين أهداف حالمة.
لا زاد،
ونحن في ساعة المزاد...
بيعت حبيبتي...
لقد سلبت وعج الجو بالكلام...
أفأنت توقظ النيام.
أفأنت تنصب الخيام،
يا هديل الحمام.
ما قصة السلام،
يا معشر الكرام.
فالبرد يحيط بالقرية من كل مكان، الليل ساكن يئن تحت وطأة الظلام، وفي الغرفة وحدة موحشة...
في الصدر ما في الصدر من حنين،
و في جوف الخاطر إيقاعات وأنين.
في المخيلة مئات الأسماء،
مئات الأماكن.
في القلب ألوف الأماني والصور و نصب العين أهداف حالمة.
لا زاد،
ونحن في ساعة المزاد...
بيعت حبيبتي...
لقد سلبت وعج الجو بالكلام...
أفأنت توقظ النيام.
أفأنت تنصب الخيام،
يا هديل الحمام.
ما قصة السلام،
يا معشر الكرام.
لقد بيعت حبيبتي.
ر. ط
أظهر الكل ..وأنت تموت أمام نفسك رويدا رويدا، لا تحزن...
لا تضجر وأنت تصارع أوهامك وأحلامك، وأنت تهدئ أفكارك وتمد أطرافك فوق السرير، وأنت تختبئ مع كل أحزانك وخيباتك في ركن منزو...
وأنت تذرف دموع القهر، إياك أن تصدر صوتا... دعها تسيل في صمت.
إياك أن يراك أحد ما.
عانق نفسك واحضنها أنت وحدك أحق بحضنها، بدفئها...
لا تظهر الضعف وأنت تشعر بالغبن لأنك ولدت في بلد العجائب، لا تخبر أحدا بكل ما تحسه من مرارة...
لا تستصغر نفسك وأنت المولود أجردا من كل المتاع في حضن البؤساء.
وأنت تموت أمام نفسك رويدا رويدا، لا تحزن...
لا تضجر وأنت تصارع أوهامك وأحلامك، وأنت تهدئ أفكارك وتمد أطرافك فوق السرير، وأنت تختبئ مع كل أحزانك وخيباتك في ركن منزو...
وأنت تذرف دموع القهر، إياك أن تصدر صوتا... دعها تسيل في صمت.
إياك أن يراك أحد ما.
عانق نفسك واحضنها أنت وحدك أحق بحضنها، بدفئها...
لا تظهر الضعف وأنت تشعر بالغبن لأنك ولدت في بلد العجائب، لا تخبر أحدا بكل ما تحسه من مرارة...
لا تستصغر نفسك وأنت المولود أجردا من كل المتاع في حضن البؤساء.
لا تتملق لمن من عليهم الوطن بشيء من خيراته، ولا تحاسب وطنك لأنه ميز بينك وبينهم، الوطن بريء.
أظهر الكل ..قليلة هي الأحيان التي يستقيم فيها الكلام وأنت لا تخاطب به أحدا ما على وجه التحديد، فحين لا توجه الأفكار إلى موضوع ما كي تخوض فيه، تعود لتتصارع فيما بينها لتنتج خطابا مبتورا لا سياق له، تلك عادتي وذلك دربي منذ أن عرفت الكتابة...
كنت قد عطلت هذه العادة ولو على هذا الجدار الشفاف، لكن الحنين إلى حضن الحرف يأخذني على مضض لأرقن بعض الكلمات كما يفعل طفل حين يعود إلى لعبته المنسية، ولأن الطفل لم يكبر بعد بداخلي فسرعان ما أجهش بالحنين حانيا قريحتي للقلم البتار والبيضاء الفاضحة.. هذا الليل فريد.< ...
قليلة هي الأحيان التي يستقيم فيها الكلام وأنت لا تخاطب به أحدا ما على وجه التحديد، فحين لا توجه الأفكار إلى موضوع ما كي تخوض فيه، تعود لتتصارع فيما بينها لتنتج خطابا مبتورا لا سياق له، تلك عادتي وذلك دربي منذ أن عرفت الكتابة...
كنت قد عطلت هذه العادة ولو على هذا الجدار الشفاف، لكن الحنين إلى حضن الحرف يأخذني على مضض لأرقن بعض الكلمات كما يفعل طفل حين يعود إلى لعبته المنسية، ولأن الطفل لم يكبر بعد بداخلي فسرعان ما أجهش بالحنين حانيا قريحتي للقلم البتار والبيضاء الفاضحة.. هذا الليل فريد.
لليل يا سادتي كنه وكيان، أحس به مثلما أحس بالروح التي أحمل بين أضلاعي وهي التي تخاطبكم الآن، لليل هدوء ووقار كشيخ مهيب. هذا الليل يستر أثداءنا المعروضة في سوق النخاسة بأبخس الأثمان، يستر قناني الخمر المكبوبة في كؤوس لامعة، يستر تلك الأمة الجائعة التي تفترش الأرض و تلتحف السماء عند نهاية الشارع المؤدي للزاوية، يستر ملايين اللواتي تجاوزن الثلاثين وغزت التجاعيد وجوههن ولازلن ينتظرن العريس، يستر ملايين المواهب التي كبتت، ملايين الأحلام التي قتلت، يستر جحافل المعطلين والمهمشين والباحثين عن لقمة عيش تسد الرمق، عن جرعة ماء ترد العرق، هذا الليل يستر ولائم الكبار و بذخهم، يستر أيضا طغيانهم، هذا الليل يستر دمعة يتيم يحن إلى حضن رحيم، يستر دموع الغلبة والهوان، يستر كل ذلك يظل يراقب في صمت.
يستمع إلى أحاديث العشاق المملة دون كلل، يأوي إليه تعب النهار ويحضنه، هذا الليل رحيم يستحق أن نحبه، أن نقدسه...
يستحق أيضا أن نذرف من أجله الحبر لنكتب عنه القليل.
ر.ط
أظهر الكل ..لا حب... إلا ما تخبئه في جوفها ملائكة السماء،
الأرض ملعونة، مقفرة جذباء،
لا قصور لا روابي لا سبايا لا إماء.
لا وزر... إلا ما تحمل على سروجها الخيول،
لا صعود لا نزول،
لا يمين لا شمال، لا حدود لا حلول.
**************************************************
رفيقتي الغالية، سأعود.
فجأة سنلتقي عند المنعطف الأخير،
انتهى المسير،
فلنصلي لخمس دقائق...
فلنبدج بمداد عروقنا حد الفصل بين الوهم والحقائق،
فلننتصر للحب الذي قادنا إلى ال ...
لا حب... إلا ما تخبئه في جوفها ملائكة السماء،
الأرض ملعونة، مقفرة جذباء،
لا قصور لا روابي لا سبايا لا إماء.
لا وزر... إلا ما تحمل على سروجها الخيول،
لا صعود لا نزول،
لا يمين لا شمال، لا حدود لا حلول.
**************************************************
رفيقتي الغالية، سأعود.
فجأة سنلتقي عند المنعطف الأخير،
انتهى المسير،
فلنصلي لخمس دقائق...
فلنبدج بمداد عروقنا حد الفصل بين الوهم والحقائق،
فلننتصر للحب الذي قادنا إلى المشانق،
رفيقتي... سأعود.
كعهدنا القديم سنغني لغيفارا...
للحب الموؤود،
للسلام المفقود،
لأريج العمر، للأجل المحدود،
فلنقطف انتصارنا الموعود،
ر.ط
أظهر الكل ..