وجوها بغدادية
ينتابني شعورٌ أني أصبحت أشبه كثيراً أحد شخوص رواية الأرواح الميتة لغوغول
. فالوهن والتعب وعدم القدرة على عب كأس ماء دفعة واحدةً ، يشي بعجزيَ الروحي
قبل أن يشي بذلك جسدياً . لقد بلغتُ أقصى حدود الإحتمال ، إذ فقدتُ بعد أربعين عاماً
من الجرأة والإنهاك .. وأخيراً الخوف أختصر كل ذلك بجملة بسيطة:
( إني لم أعد مُقْنِعاَ لنفسي ) ..!
لم أعد ذلك الذي يحفل بأيما فرح ، وأيما صديق جديد ،وأيما تحدٍّ .. وللأسف .. أيما رثاء ،
إذ نويتُ اليوم قطع المسافة بين الباب الشرقي وباب المعظم مشياً على الأقدام ..
توقفتُ منذهلاً بغربتي ووحدتي ودهشتي ، ورعبي ، عند ساحة الخلاني في السنك .
لم أعد أرى سوى أمكنة غابرة وممسوخة بكل الأشياء حولها .. البسطيات ،وأصوات اللطميات التجارية للدين الجديد ، العادياتُ واللنكات ، الأجبان والأسماك ، صيدليات مرتجلة على حافة الرصيف ، والوجوه التي تشي بكل شيءٍ ....
إلا أن تكون وجوهاً بغدادية .