يربكنا المشهد
فنتشظى حروفا بلا ألوان
كلمات بلا صوت
أجسادا تتخبط بلا دروب
المآقي تشتاق البصر
الضباب كثيف
يكمم الأفواه والفكر
التماعة برق يضوع شذاها
عبر المسارب الخلفية
تشي بأوان الحصاد
منذ صغره تعود أن يتسلل إلى المخادع ليلا ؛كل ليلة يغيب فيها القمر يحل على فراش أحدهم ،بدأ بأخيه الأصغر ،رشفه منه بكل يسر، أعجبته النتيجة ، استمر يستلب إخوته واحدا تلو الآخر، استلذ اللعبة ، رأى أن يستطعم عقل أمه أيضا ،(لابد أن يكون ذا طعم مختلف ) فكان العمل الأسهل ، التفت إلى والده ، صعب الأمر عليه ، تركه لجولة أخرى..
عندما كبر .. كانت العائلة تؤلَّهه ، اتجه إلى الجيران ، مارس عليهم عادته القديمة ، فانضموا إلى قافلة المؤلِّهين له ، أخذت الرقعة تتسع بصعوده سلم الحياة ، وامتصاصه المزيد من ...
منذ صغره تعود أن يتسلل إلى المخادع ليلا ؛كل ليلة يغيب فيها القمر يحل على فراش أحدهم ،بدأ بأخيه الأصغر ،رشفه منه بكل يسر، أعجبته النتيجة ، استمر يستلب إخوته واحدا تلو الآخر، استلذ اللعبة ، رأى أن يستطعم عقل أمه أيضا ،(لابد أن يكون ذا طعم مختلف ) فكان العمل الأسهل ، التفت إلى والده ، صعب الأمر عليه ، تركه لجولة أخرى..
عندما كبر .. كانت العائلة تؤلَّهه ، اتجه إلى الجيران ، مارس عليهم عادته القديمة ، فانضموا إلى قافلة المؤلِّهين له ، أخذت الرقعة تتسع بصعوده سلم الحياة ، وامتصاصه المزيد من العقول ..
اعتلى المنبر وفي قلبه طغيان الاحتواء ، نظر إلى الجموع أمامه والخواء يحتل رؤوسهم ،ابتسم في تيه و خيلاء ..
ارتدت ابتسامته سريعا فقد لاح له من بعيد عقل يتحرك بين المستلبين ، راقب الجموع بحثا عنه ، تعجب أن يرى لمعانا في بعض العيون ،لاحظ أيضا أن تلك الوجوه المشعة تينع كل يوم مع انبلاج النور ..
فكر و دبر ، بحث واستقصى ،همسوا له بالحقيقة ، أذهله أن الترياق والده .
أظهر الكل ..كل شيء متوقف عن الحياة ، الأشجار لاتنمو ، الشمس لا تشرق ، القيامة لم تقم بعد ، فقط الطريق لم تتوقف عن التمدد ، وصلتْ النهر عطشى ، مدت يدها لتشرب ، تبخر الماء ، فزعت ، كانت وحدها والكون الكئيب ،أعياها المسير ، في الأفق لاح لها جدار أحمر اللون يقطع عليها الطريق ، جلست على حجر لتستريح ، استحال ترابا ، خطر لها أن الأرض تحتها بالون سينفجر قريبا ، مدت يدها لغصن شجرة ، ذاب بين أناملها وتلاشت ،أصابها الهلع ،أخذت تصرخ بأعلى صوتها ، ردد الصدى نبراتها مصحوبة بصوت محبب ،أعا ...
كل شيء متوقف عن الحياة ، الأشجار لاتنمو ، الشمس لا تشرق ، القيامة لم تقم بعد ، فقط الطريق لم تتوقف عن التمدد ، وصلتْ النهر عطشى ، مدت يدها لتشرب ، تبخر الماء ، فزعت ، كانت وحدها والكون الكئيب ،أعياها المسير ، في الأفق لاح لها جدار أحمر اللون يقطع عليها الطريق ، جلست على حجر لتستريح ، استحال ترابا ، خطر لها أن الأرض تحتها بالون سينفجر قريبا ، مدت يدها لغصن شجرة ، ذاب بين أناملها وتلاشت ،أصابها الهلع ،أخذت تصرخ بأعلى صوتها ، ردد الصدى نبراتها مصحوبة بصوت محبب ،أعادت الكرّة ، اقترب الصوت ، فركت عينيها لترى في عمق الأشياء ، وجدت طفلها يناديها، ليعيدها إلى حياة تلهث من سرعة دورانها .
تلك الأشلاءْ..
عيون تصرخ .. من ينزع البلاءْ ؟!!
من يمحو دمعة عن قلوب الأبرياءْ ؟!!
من يعيد البهاء و يمد يدا تلملم آهات البؤساءْ ؟!!
ففي بلادي يبذرون الحنظل
في الشوارع والبيوت والمساجد
وعلى وجه الصحراءْ
فما عدنا نسمع إلا العويل والبكاءْ ..
إحساس ..
أيها الساكن في أعماقِ الحياة
جذورك في النبضِ تنمو
وتدا إليك يشدني ..
برعمة يسار الكون أنبتْ
عااالم مسبوكٌ بالابتسامات أنتْ..
ما الحب إن لم يكن نسيجَ ود
وارتقاءً بنسمات الهوى
واحتواءً وأغنياتْ ؟!!
بلابوصلة
تسير أشجاني
تترنح يمينا
تميل شمالا
ترسو وسط العباب..
لا مرفأ لسفن الحنين
اليد الممتدة
أشواك بلا صبار
أدمت أناملي..
نزف الحروف لايتوقف
يلوك الجُبْنُ البهاء
وتنمو التفاهة على قارعة الصمت ..
أمل يحدق بي
وصدى يردد في صحوة النور :
الحمق ألم بالقافلة
وسكن الألم الشواطيء .
بلابوصلة
تسير أشجاني
تترنح يمينا
تميل شمالا
ترسو وسط العباب..
لا مرفأ لسفن الحنين
اليد الممتدة
أشواك بلا صبار
أدمت أناملي..
نزف الحروف لايتوقف
يلوك الجُبْنُ البهاء
وتنمو التفاهة على قارعة الصمت ..
أمل يحدق بي
وصدى يردد في صحوة النور :
الحمق ألم بالقافلة
وسكن الألم الشواطيء .
أظهر الكل ..كانت تعد فنجانا من القهوة وذهنها مشغولا، تساؤلات تضيق أنفاسها ، تلح عليها منذ أن استيقظت من قيلولتها ، تساءلت مستبطنة دواخلها :
- لماذا أنا منزعجة ؟
- ما هذا الإحساس بالضيق الذي يشل تفكيري ؟
انتهت من إعداد القهوة ، وضعت في آنية فضية إناء القهوة مع فنجان وصحنه وكأسا من الماء ، فعلت ذلك أوتوماتيكيا ، فقد كانت شاردة ، تفكر في إحساس الضيق الذي يسيطر عليها ، ولم تتوقف عن تحليل نفسيتها إلا بعد أن فسرته بما ارتاحت إليه نفسها :
- لا بد أنني انزعجت من خروج أمي و أختي دون أن ...
كانت تعد فنجانا من القهوة وذهنها مشغولا، تساؤلات تضيق أنفاسها ، تلح عليها منذ أن استيقظت من قيلولتها ، تساءلت مستبطنة دواخلها :
- لماذا أنا منزعجة ؟
- ما هذا الإحساس بالضيق الذي يشل تفكيري ؟
انتهت من إعداد القهوة ، وضعت في آنية فضية إناء القهوة مع فنجان وصحنه وكأسا من الماء ، فعلت ذلك أوتوماتيكيا ، فقد كانت شاردة ، تفكر في إحساس الضيق الذي يسيطر عليها ، ولم تتوقف عن تحليل نفسيتها إلا بعد أن فسرته بما ارتاحت إليه نفسها :
- لا بد أنني انزعجت من خروج أمي و أختي دون أن تخبراني ..إنها المر’ة الأولى ، تخرجان دون إخباري أو طلب مرافقتهما ، ارتاحت لهذا الاعتقاد و مضت إلى الردهة ، وضعت القهوة على طاولة صغيرة ، يزينها غطاء جميل ، يظهر عليه جمال العمل اليدوي ، في تطريز زهرة مارغريتا بألوان مبهجة ، لم يمح الزمن لونها الجميل بعد ..
السابعة مساء ، تعلنها دقات الساعة العريقة على الحائط ، الشمس تستعد للمغادرة ،على حياء أشعتها تودع الشوارع و نوافذ البيوت ، نسمات عليلة تهب ، تداعب أوراق الأشجارالتي اصطفت بجانبي الطريق الممتد على طول الشارع ، وقد شذبت بعناية على هيئة دوائرومربعات مبرزة جمالها الذي يبدو مع حفيفها و وشوشة العصافيرالتي تملأ الأسماع كلحن سماوي بديع ،كانت تنصت لألحان الطبيعة تستبطن ذاتها ، فشيء ما من حولها لا يزال يحرك إحساسا مبهما داخلها ، شعور بالانكسار ينمو شيئا فشيئا منذ الصباح ، لم تستطع أن تفهمه أو أن تزيحه عنها ، أمها و أختها تأخرتا في الخارج ، و أصوات الرصاص بين الفينة و الأخرى تكاد تثقب سمعها ، التوتر يتضاعف ، فيزداد معه ذاك الشعوربالتوهان الذي يسيطر عليها منذ بداية اليوم .
أقفلت النافذة بعد أن أحست تغيرا في الطقس ، سمعت نقرا خفيفا على الزجاج، التفتت ، فرأت قطرات غيث تجاهد للدخول :( إنه الخريف) حدثت نفسها وهي تنظر إلى الخارج ، رأته يلوح لها من بعيد ،معبرا عن اشتياقه، ابتسمت لجارها الطيب ، ولوحت له بيديها ، انزلق وهو ينظر نحوها، متعثرا بالوريقات المتساقطة بمحاذاة الرصيف ، كتمت ضحكة خجلى لأجله ، ثم أسدلت الستائر و جلست إلى الكرسي في البهو المقابل للنافذة وهي تستعيد موقفا مشابها ، قشعريرة سرت في بدنها كلمح البرق في السماء ، صوته العذب لايزال يرن في سمعها، يأتي من أعماق سخية بذكرياتها : (عليكِ الانتباه في الخريف كثيرا مايتعثر الإنسان في بداياته، المهم أن ينتبه فيما بعد وينطلق) كان قولا أثيرا لديها من مدرسها الذي علمها العزف على الناي ، داعبها به عندما تعثرت أمامه ذات خريف . .
انتبهت على موسيقى تنساب في عذوبة ؛ ( بحيرة البجع ) على أنغامها ترقص طفلة الجيران الباليه، أخذت تحتسي قهوتها على الألحان التشايكوفسكية الرائعة ، مسحة حزن علت وجهها وهي تنظر إلى اللوحة المعلقة أمامها تحت الساعة وسط الردهة انتفضت مشاعرها كأنها تراها لأول مرة ، أعادتها إلى صفوف الدراسة وأستاذ الموسيقى الذي افتتنت به ولم ير فيها إلا تلميذة متفوقة يعتنى بموهبتها، ولكي يتدارك خطأه أهدى إليها لوحة بحيرة البجع تذكارا في أول يوم بعد خطوبتهما التي بُترت قبل أن تزهر ، لايزال مشهد النهاية يهزها كلما تذكرته ؛ قدم لها اللوحة وباقة ورد بيضاء اللون تحيط بوردة وحيدة حمراء ، تحدثا طويلا في سهرة عائلية هادئة ، تواعدا على اللقاء في اليوم التالي ، خرج و عيناه تعانقانها بابتسامة عريضة تملأ الكون بهجة وحبا ، كان يوما فسيفسائي الملامح ، كأنها أثينا أو فينوس تحتفل بتنصيبها ملكة على عرش قلب من تحب، راقبته يقطع الطريق وخيالها لايزال في حالة من الانتشاء عندما سمعت صوتا مرعبا هزها و أحال حياتها حطاما ، رصاصة من أهوج ضلت طريقها لم تجد أمامها إلا جسد مسالم تخترقه فتضع نقطة من لهب ، تعلن نهاية الجمال و اغتيال الفرح . . انحدرت دمعتان سرعان ما أزالتهما عندما سمعت المفتاح يدور في قفل باب البيت ، أطل وجه والدتها وأختها الصغرى ، تدخلان بأيديهما أكياسا وصندوقا كرتونيا كبيرا جميلا ، تقدمت أختها إلى أقرب طاولة ووضعت الصندوق الكرتوني عليها ،وهي لا تزال واقفة تنظر إليهما ، لم تستوعب المشهد ، كممثلة استبعدت من دورها فجأة ، عندما جمعت أفكارها و أرادت أن تعلق ، قطع عليها صوت جرس البيت ماكانت تود قوله ، و سرعان ما علا الصخب بدخول الجارة وطفلتها الصغيرة ثم إحدى صديقاتها، كانت مفاجاة لها أنستها الأجواء الحزينة التي كادت أن تسيطر عليها .. أعددن كل شيء للاحتفال بعيد ميلادها دون أن تعلم ، دمعة كبيرة قاومتها تريد أن تسيل من عينيها ، لا تدري أهي دمعة فرح أم أنها شحنة حزن صهرها الألم ودفعها ماء ملحا ؟
أذهلها جمال الكيكة التي وضعت عليها أربع شموع رمزا لعمرها المديد، دخلت بقية الصديقات فأبهجن المكان ، علت الموسيقى ، وجلسن يتحدثن إليها ، كانت تسترق النظر إلى اللوحة بين الفينة والأخرى ، يلفها حزن عميق ،كأنها تستأذنها في كل ذاك السرور ، علت الأصوات وكثرت الأحاديث ووزعت الحلويات ، انسجمت مع الحاضرات ، كانت ضحكاتها تنهمر فرحا ، بحياة ملأى بالأنس ، كربيع جاء بعد شتاء شاحب، تلاشى الحزن ، ونزلت السدول على اللوحة الجميلة ، وقصة خريف صار رماد ذكرى . .
أظهر الكل ..استفزها ليشعلها، رفضت أن تكون حطبا يتدفأ به في ليالي الشتاء الباردة ، فاحترق بلهيب سكونها، وتلاشى لحنا غاب عازفه .