-أجابت في لحظتها طبعا لا.
سؤالي لم أكن أبحث له عن رد، لكن إجابتها العفوية ذات المنبع الفطري تاه بي في ثنايا ـ حياتي إن فقدت أو اختفى والدي منها - المعنى الذي لم أدرك أبعاده إلا بعد تطفلي على من عايشوا تلك الحقيقة فاكتووا بألم الفراق، لا زات أتذكر إحساس أحد الإخوة الذي فقد أمه من ... أن تسامر مراهقا و تتوغل قليلا في ياقة همومه، يعني أن تتحدثا و لو قليلا عن علاقته بوالديه، التي غالبا ما تأخد طابع الشكوى... في نهاية حديثي معها سألتها : هل ستكونين سعيدة إن اختفى كل من أمك و(أو) أبيك من حياتك ؟
-أجابت في لحظتها طبعا لا.
سؤالي لم أكن أبحث له عن رد، لكن إجابتها العفوية ذات المنبع الفطري تاه بي في ثنايا ـ حياتي إن فقدت أو اختفى والدي منها - المعنى الذي لم أدرك أبعاده إلا بعد تطفلي على من عايشوا تلك الحقيقة فاكتووا بألم الفراق، لا زات أتذكر إحساس أحد الإخوة الذي فقد أمه من سنين ناصحا لي باستغلال كل ثانية لي مع أمي، لكي لا أتحسر يوما ما... هو يتمنى عودة أمه للحياة ولو لبرهة من الزمن فمهما كانت صفة المكان والحال سيرضى بذلك... واصفا غيابها بفجوة في القلب لا يملؤها إلا صدى الذكريات. كلماته لامست أعماقي، وفي صمت بدأت ألحظ فحواها في العيون المحيطة بي، جدي مثلا، يبلغ من العمر ثمانية و سبعون سنة، كلما مرت عليه مشكلة أو أزمة صحية ما فتئ يعبر عن اشتياقه إلى طبطبة أمه وعلاقته بها، وما إن يتجاوزما ألم به يردف وعيناه تسطعان بكل لطف أن الأدعية و أسلوب المناجاة التي علمه والده إياها كانوا الدخر والإرث المتبقي له في محنه. فالأب هوالأب ،والأم هي الأم، هنا أتذكر أبناء أحد معارفنا الذي لم يتجاوز عمره اثنا عشرة سنة هو أكبر إخوته، كلما سألته عن حاله حمد الله بابتسامة تحمل ثقل الدنيا، فبينما أبوه محتجز في أحدى المستشفيات لإصابته بداء السل أمه تصارع سرطان العظام ، أحيانا تكون دموعه هي تعبيره الوحيد عن خوفه من البعد والفراق، وجر على ذلك، فالقصص كثيرة... لا تعد.
هنا يجول الفكر وتسبح الروح في ماهية هاته المشاعر التي لا تفرق بين سن أو جنس أوتركيبة أومكانة بعينها، لا أتحدث عن البر أوالعقوق، بل عن ذاك الإعتقاد الخفي في النفوس، المتجدر بالفطرة في لاوعي الإنسان، كون آبائنا هم أجل النعم ، همْ همْ بِنَفَسِهم و وُجودِهم وحركاتِهم وسكناتِهم، هم هنا كل شيء، همُ الوطن والإنتماء، همُ الملجأ ...سيُفهَم قصدي إن حاولتم مجالسة كبار السن وإمعان النظر في عيونهم.
أدرك أن لكل قاعدة إستثناءات بعيدة عن أصل المبدأ الإنساني الذي يكون فيه الأب هو القدوة و الأمان ، والأم هي الإحتواء و الحنان، فمهما يكن الحال إبتسم مادام والديك على قيد الحياة، وترحم إن فقدت إحداهما أوكلاهما. أظهر الكل ..
تحميل ..
نُبْذة
Kaoutar Zouhir
@kaoutarzouhir
عضو 2016-07-08 17:23:25
المكتبة مشاهدة الكل
المتابِعون (5)
مشاهدة الكل
المتابَعون (7)
مشاهدة الكل