نحن لانعرف الربيع، فقط خريفنا المقيم يبدل أقنعته
تحميل ..
قراءة فى رواية أ شرف ابواليزيد
بقلم : احمد رجب شلتوت
" شماوس " عنوان غريب اتخذه الفنان التشكيلى والروائى أشرف ابواليزيد لروايته ولعل ادراكه لغرابة العنوان هو ما دفعه لمحاولة التفسير على لسان اثنين من شخصيات الرواية _ لم يظهرا بعد ذلك , وكأن دورهما انتهى بتفسير الاسم _ يقول الحلاق :
" مرة قالوا اسم فرعونى شام آو آوس , ومرة قالوا اسم العزبة على اسم ام صاحبها واصل باشا و مرات كثيرة يقولون ان الشماسين فى كنيسة ماريا كانوا يسكنون فيها قبل العمار " ... الخروج من شماوس
قراءة فى رواية أ شرف ابواليزيد
بقلم : احمد رجب شلتوت
" شماوس " عنوان غريب اتخذه الفنان التشكيلى والروائى أشرف ابواليزيد لروايته ولعل ادراكه لغرابة العنوان هو ما دفعه لمحاولة التفسير على لسان اثنين من شخصيات الرواية _ لم يظهرا بعد ذلك , وكأن دورهما انتهى بتفسير الاسم _ يقول الحلاق :
" مرة قالوا اسم فرعونى شام آو آوس , ومرة قالوا اسم العزبة على اسم ام صاحبها واصل باشا و مرات كثيرة يقولون ان الشماسين فى كنيسة ماريا كانوا يسكنون فيها قبل العمار "
أما الاستاذ فيضيف : " تمشى تحت نخيلها وأشجارها فلا تجد الا الظل , وما كانت الشمس تمر الا قليلا , وطلعت اللفظة شماوس و كأنها تصغير لأشعة الشمس" ومن كلام الاستاذ يؤرخ المؤلف لمحنة شماوس بتاريخين : ألاول عام 1911 تاريخ وصول واصل باشا للعزبة _ لاحظ دلالة الاسم _ " قبل مجىء واصل باشا كانت الارض كلها مثل الجنة " فكأن مجيئه حولها الى جحيم 0
وتواصلت المحن مع سلالته :" وآخرهم جاء من حوالى ثلاثين سنة وبنى الفيلات الثلاث على نهاية الأرض الزراعية " فاذا كان الجندى يتحدث الان فان تاريخ بناء الفيلات يعود لمنتصف السبعينات من القرن العشرين, أى مع تطبيق قوانين الانفتاح الاقتصادى وما تبعها من تحولات
سياسية واجتماعية وليست اقتصادية فقط وعن أثر هذه التحولات يقول الجندى : " الارض زرع فيها حجر واسمنت وحديد مسلح بدل القطن والموالح والنخيل" و يقول الصحفى :" مقاليد السوق أصبحت بيد من يستطيع أن يكون أكثر سوقية " 0
بعد هذا الفصل التمهيدى ( الطريق الى شماوس ) تبدأ الرواية الحقيقية - وعبر 65 فصلا مرقما _ وهى رواية الصراع بين الفيلات وساكنيها / السلطة من ناحية وبين أهل العزبة / الشعب من ناحية أخرى 0 فلكل من قطبى الصراع عالمه ، والسيطرة أو الهيمنة هى المعلم الوحيد لعلاقة الفيلا / العزبة0 وأعتقد أن مفتاح الرواية يتمثل فيما قاله مدرس الجغرافيا والتاريخ " نبيل زينهم " لابن أخته " عماد كمال - لاحظ أيضا دلالة الاسماء – نقرأ فى صفحة 233 :
" أنظر أين تقع الفيلات الثلاثة ؟ فى الاعالى0, والارض والعزبة تحت 0 أنت لو دخلت الحرب لازم تكون قادر على قلب الجغرافيا , وكذلك قادر على تحمل النتائج ولن تكون وحدك من يتحمل النتائج 0 كلنا سنشرب من الكأس ذاتها 0 أنا وأمك وأبوك وأصحابك , ولا أبالغ اذا قلت لك انهم لن يعاقبوك وحدك لو أخطات بل سيعاقبون شماوس كلها "
فالفيلات الثلاثة وفدت على القرية لتصبح مركزها ومحركة الاحداث فيها , ولتصبح ايضا مركز الرواية فكل الشخصيات تدخل الفيلات و تتحدد مصائرها بيد ساكنى الفيلات كما سنرى 0
يبدأ الفصل (1) بالصحفى مصطفى سليمان فى طريقه الى شماوس للقلء الفنان التشكيلى كريم عبد المجيد بمناسبة معرضه الاستعادى , يصور لنا أشرف ابواليزيد الطريق الى شماوس بريشة وتعتبر الفنان - وقد تخفى خلف قناع الصحفى الراصد بحيادية ومن الخارج لملامح المكان _ فنرى :
" النيل الى اليمين ، ومعه كورنيش ممتد بطول الزمن ، ومبانى القاهرة الى اليسار ، تتفاوت المسافات بينها كما تتباين الارتفاعات 0 مركب على اليمين وفندق على اليسار, شراع يتهادى هنا و مئذنة تتشاهق هناك0 أغان ترقص فوق الموج , وجرس كنيسة ينتظر فى مهده قيام يوم الاحد" و بعد هذه الصورة السياحية يلمح المؤلف الى الى انحدار الواقع بجملتين يسوقهما باقتدار: فعبر كاسيت السيارة يأتيه صوت المطرب الشعبى مغنيا : " بحبك ياحمار " ويمتزج معه فى ذات الوقت صوت السائق : " وصلنا يا أستاذ " فكأنه يقصد بالوصول معنى مزدوجا :
- الوصول الى شماوس وهو المعنى المباشر
- و الوصول الى الانحدار الذى تعبر عنه الاغنية ، والذى تعانى منه شماوس فى الرواية
أحزان رسام الفرحة :
يعرف الفنان كريم عبد المجيد نفسه للصحفى قائلا :
"أنا انسان بسيط جدا 0 عشت طول عمرى وسط الناس لأنى أعتبر نفسى ابنهم وأخاهم وأباهم أيضا 0 رسمت المراكب فوق النيل ورسمت العشاق فوق المراكب0 ورسمت الفرحة فوق وجوه العشاق 0 تقدر تقول عنى انى رسام الفرحة 0 لكن هذا كله كان قبل السفر " فما الذى تغير فى السفر ؟ هل لم يعد الفنان قادرا على رسم الفرحة ؟ أم لم تعد هناك فرحة ؟ تقترب الرواية من الفنان العائد الى وطنه بعد فترة من الاغتراب , بجزء من مدخراته يشترى الفيلا الوسطى ( هو من ساكنى الفيلات لكنه بحكم تكوينه الثقافى والنفسى ينتمى لناس شماوس ، لذا أسكنه المؤلف الفيلا الوسطى باعتباره وسطا بين طرفى الصراع )
ولعل اختياره لمكان مثل شماوس يعبر عن محاولته للعودة المستحيلة الى التناغم القديم مع الطبيعة والكون 0 هنا ندرك عمق التغيرات السلبية التى حدثت فى المجتمع خلال سفر الفنان – و ليس بسبب سفره – وهى التغيرات التى يستشعرها وان لم يعرف لها سببا ، لذا يقول للصحفى بعد أن يعبر عن مخاوفه : " لست ادرى هل هذا ذنبى أم انه ذنب من لم يسافر؟ " والحقيقة التى تكشف عنها أحداث الرواية انهم ضحايا وليسوا بمذنبين0 فقد أدرك أن الهدوء المصطنع الذى عاشه فى الغربة تلاشى بمجرد عودته ، فما حدث له جعله يدرك أن المشى جنب الحائط لا يضمن له ألا يميل الحائط عليه0
الفنان اشترى الفيلا الوسطى بمدخرات الغربة قبل أحد عشر عاما لكن جاره اللواء بمباحث امن الدولة ( اشترى الفيلا بمكافأة نهاية الخدمة )يريد أن يشتريها ليتزوج فيها ابنه , يغريه بالمال ويهددده تلميحا والفنان مصر على رفضه, وجارته فيولا تعرض ضعف المبلغ الذى حدده اللواء وهو متمسك بفيلته ( أسماها البستان ) ليضع نفسه فى مواجهة المدفع 0 يقول لابنته قلتُ إنني سأشم الهواء الطبيعي، وسأنظر إلى السماء الصافية التي ترقص فيها السحب مثل فراشات من ندف القطن. سأشرب من نهر النيل الذي تشتاق إليه النفوس، وأجلس في الأمسيات الخريفية على شاطئه. لكنني كنت أطارد السراب، كنتُ أعدُ الأيام حتى أعود لمصر، كل يوم يقربني منها. كل سنة دراسية تنجحين فيها تجعلنا نقترب خطوة فخطوة. كنت أتمنى أن أمضي باقي أيام عمري هنا، وأن تعيشي أنت الأيام التي تمنيتُ أن أعيشها تحت سماء حانية ولم أستطع. تحملت قسوة ليالي البرد والوحدة. في الغربة عرفت معنى البرد لأول مرة. رغم كل ليالي الشتاء التي عشتها قبل السفر. وعشت اليتم مرتين، مرة بعد وفاة أمي وأنا بعيد عنها ومرة بعد وفاة أمك بين يدي رحمهما الله0
ثلاثة خيوط
ينسج الروائى حبكته بواسطة ثلاثة خيوط أساسية تتشابك مع الخيط الرئيس المتمثل فى شخصية الفنان التشكيلى د0 كريم عبد المجيد ، وهذه الخيوط هى :
دنيا ابنة الفنان التشكيلى وتلميذه عماد و نرجس شقيقة عماد 0
دنيا لم تكن مجرد ابنة للفنان بل كانت كل دنياه خاصة بعد موت امها 0 يقول لها في الرواية: أنا آسف يا ابنتي. وعدتك بالجنة، مثلما وعدت نفسي، لكننا لم نجد هنا سوى النار0 أراد لها أن تنشأ نشأة صالحة وأن تواصل مسيرته فى الفن 0 لكن قلقا غامرا يعصف به فيضيق على الفتاة ويكلف السائق بمراقبتها لكن احتياطاته لاتمنع القدر , اذ يراها ويعجب بها الضابط هشام ابن اللواء وجيه عصام الدين 0
وعماد كمال الطالب بكلية الفنون يراه أستاذه بالصدفة وهو يمر بجوار الفيلا فيستوقفه ويسأله عن سبب قدومه للمكان ، ولما يعلم انه من أهل شماوس يدعوه لدخول الفيلا وشرب الشاى ، يبدو ان الفنان يتوق للتواصل الانسانى مع بشر أمثاله لذا يفتح قلبه وبيته لعماد الذى يتخذ من الاستاذ قدوة , وبدوره يعتبره الاستاذ ابنا 0
أما نرجس فكانت مثل زهرة برية يتداعى عليها ساكنى الفيلتين الاخريين 0 نراها فى الرواية لأول مرة من خلال عينى اللواء وجيه الذى يأسف لأنه لم يعرفها من قبل ( ربما كان سينزل ببزته الرسمية ليعترضها ، بل ربما اكتفى بارسا ل عسكرى بشريطين اليها ليخبرها ان الباشا فى الانتظار 0 و كان سيحصل عليها برضاها أو غصبا عنها 0 امام أهلها أو بدون علمهم0)
هذا المقتطف لايبين فقط عن نفسية الباشا و مدى سطوة سلطته بل ينم أيضا عن فتنة نرجس التى حركت شهوة الباشا وشجونه0
الباشا اعتاد رؤية نرجس أثناء ذهابها الى فيلا فيولا ( التى اعتزلت الفن أو اعتزلها فعملت بالتجارة ، و ا صبحت تعقد صفقاتها مع نهاية الليل وتستخدم نرجس فى الترجمة بينها وبين ضيوفها الاجانب )وحين يلمح الباشا لفيولا عن رغبته فى نرجس تحذره لكنه يصر ويحاصر الفتاة ويغريها بخاتم ماسى وبوعد بالزواج وليؤكد نيته يعرفها بابنه هشام ويقدمها له باعتبارها خطيبته فما كان من هشام الا أن أطلق عليها الكلاب المتوحشة التى تحرس الفيلا لتمزق جسدها 0 وهكذا تخلص من منافسة تصورها تنازعه فى الفيلا والميراث ، هذه الوحشية تبدت مرة ثانية حينما رغب هشام واحد أصدقائه الضباط فى تأديب الفنان التشكيلى لرفضه الارتباط بين دنيا وهشام , فالصديق وهو ضابط بمباحث الاداب لفق فيديوكليب للفنان فى وضع شاذ مع حمار ( الفنان بعد عودته اعتاد رسم الحمير و ذكر فى مقابلة صحفية أن مهمته هى اعادة الاعتبار للحمار المظلوم من البشر ) وبثه عبر الانترنت وارسله الى الهواتف النقالة لكل من له صلة بالفنان وابنته , حتى حينما فكر الفنان فى الهرب الى الجامعة الخليجية التى عمل بها قبل العودة فوجىء بأن الفيديو كليب قد سبقه اليها0
فكأن الضابط وزميله كان يعرفان كل شيىء عن الفنان حتى علاقته الفنية بالحمار وقد استغلاها لتأديبه حسب رغبتهما ، وبالطبع استغلا سلطة وامكانيات وظيفتهما لتلبية نوازعهما المنحرفة0 وهذا مايفعلانه مرة ثالثة مع عماد0
عماد هو تلميذ الفنان , وهو أيضا شقيق نرجس التى نهشتها كلاب الباشا , حينما تسلم ملابس أخته ومتعلقاتها من المستشفى وجد فيها خاتم الماس الذى اهداه لها الباشا وحتى يتأكد من حقيقة أخته بحث حول الخاتم واستطاع بمعاونة الاصدقاء أن يعرف الحقيقة فقرر أن يرد لأخته اعتبارها 0
وكان لابد للباشا أن يعرف ما حدث فعيونه مبثوثة فى كل مكان 0 لذا هاتف الباشا ابنه ليخلصه من الورطة , وتصادف أن الابن كان يريد اصلاح ما حدث للفنان
فألهمته المكالمة حلا مثاليا من وجهة نظره0
سرب للصحف أنباء عن القبض على شخص زور فيديو كليب يسىْ للفنان التشكيلى0 وأرسل من اختطف عماد 0 الى هنا والاحداث تسير وفقا لهوى الباشوات, لكن النهاية خالفت التوقعات , فأصدقاء عماد الذين عرفوا الحقيقة ذهبوا لشيخ المسجد ليعلموه بالامر فلما قصد الباشا عامله بغلظة وكبر مما جعل الشيخ يقتنع بانه وراء مصيبتى العزبة فى نرجس وعماد , لذا أعلن الحقيقة على الملأ فى المسجد ودعا أهل شماوس ليذهبوا معه مرة اخرى الى الباشا ، نهض الجميع معه لكن صلافة الباشا وابنه سدت منافذ الحل , بل ان هشام أطلق الرصاص على الجمع المحتشد فأصاب أحدهم ، وتتصاعد الاحداث لتحترق الفيلا بمن فيها , لكن الباشا كان قد اتصل بشرطة المعادى والامن المركزى وكافة أجهزة الداخلية حاكيا عن هجوم الاهالى على فيلته ، وبالطبع هبوا لنجدته لتنتهى الرواية والفنان فى سيارته الخارجة من شماوس يرى : " سيارات شرطة وخلفها سيارتا اطفاء وبعض العربات الضخمة للأمن المركزى0 كان حشد السيارات يشبه قطيعا بريا وراء فريسة "0
نهاية مفتوحة
هكذا تنتهى الرواية وقد هب أهل العزبة للدفاع عن شرفهم وكرامتهم بينما تتدافع نحوهم فلول السلطة الغاشمة لتكسر انتفاضتهم ، فمن منهما ينتصر؟ سؤال لم
تجب الرواية عنه ليس لأنه بلا جواب ولكن لأن كل ما حدث طوال الرواية يؤكد انتصار الاقوى بينما تلمح النهاية لتعديل ميزان القوى لصالح المهمشين ان أدخلوا المسجد معركتهم ، فان الرواية تقول أن العدل لن يتحقق اذا لم يسد الايمان0 فانتصار المظلوم معلق على شرط غير متحقق الان كما أن المعركة بين الخير و الشر قائمة منذ بدء الخليقة ولم يحسمها طرف لصالحه0
ملاحظات أخيرة
_ فى الفصل الأول التقينا بروائى يبحث عن موضوع لروايته الجديدة ، وفى 65 فصلا مرقما حكى لنا الروائى روايته بضمير الغائب ، فكأنه لم يقص علينا الا ما سمعه من الاستاذ والحلاق وربما غيرهما ، لذا غابت الشخصيات الثلاثة ابتداء من الصفحة التاسعة وحتى نهاية الرواية ولعل ذلك يفسر ميل الرواية لرصد الاحداث من الخارج وعدم التعمق 5فى دواخل العديد من الشخصيات واهمال بيوت الفقراء اذ وقفت الرواية عند الفيلات التى ظلت بؤرة للأحداث طوال الرواية0
_ كما لاحظنا فان اسماء الشخصيات كانت محملة بدلالات تدعم توجه الرواية ، فالفنان كريم وابنته دنيا ( هى كل دنياه) وتلميذه الأثير عماد كمال و استاذ التاريخ نبيل زينهم وهكذا أغلب الاسماء ذات دلالات ايجابية واضحة , وكذلك نرجس فقد منحها المؤلف اسم زهرة يرتبط لونها بالشجن كما أن الزهور بعامة قصيرة العمر0
أما بالنسبة لساكنى الفيلات فدلالات اسمائهم تكون مناقضة لمسلكهم ، فالباشا اسمه وجيه عصام الدين يوحى بصفتين تمنحهما السلطة بينما تصرفاته خسيسة بلا وجاهة ولا عاصم من دين أو أخلاق يمنعه من غيه0 وكذلك زميل ابنه عمر عبد اللطيف ومسلكه يتسم بالغلظة والبعد عن اللطف 0 أما فيولا وهى غريبة عن المكان وناسه ولا تختلط الا بالغرباء والاجانب لذا كان لابد لها من اسم دال على ذلك0
_ يبدو أثر ممارسة اشرف ابواليزيد للفن التشكيلى فى أكثر من موضع فى الرواية
ليس فقط فى اختياره لفنان تشكيلى ليكون أهم شخصيات الرواية ، وانما أيضا فى العديد من التشبيهات مثل ( أرى السماء تتوهج وكأنها خريطة على بالتة ألوان )
و أيضا على مستوى الصورة فالكاتب كان يصف المكان وكأنه يصوره بريشته
" النيل الى اليمين ، ومعه كورنيش ممتد بطول الزمن ، ومبانى القاهرة الى اليسار ، تتفاوت المسافات بينها كما تتباين الارتفاعات 0 مركب على اليمين وفندق على اليسار, شراع يتهادى هنا و مئذنة تتشاهق هناك0"
_ تأثرت تقنيات سرد رواية شماوس بأسلوب السرد السينمائى ؛ حيث يكتب مقاطع تصويرية تتراوح قربًا وبعدًا بانتظام ، وتتميز بحركية سلسلة ، وترصد الشخصية من الخارج ، ويختار الأفعال ذات الدلالة المتحركة ، وكل ذلك من شروط الأسلوب السينمائي
و أيضا لم يسترسل الكاتب في رصد التفاصيل بل لجأ للمونتاج الزماني والمكاني وإختار من ركام التفاصيل ما يخدم روايته0
_ لم يحل التصوير من الخارج و عدم الغوص فى دواخل الشخصيات دون الكشف عن رأى الكاتب فيما يشهده مجتمعة من تحولات فالرواية كلها شهادة ادانة لهذه التحولات كما امتلأت الرواية باشارات صغيرة لكنها دالة ومبثوثة بعناية ومهارة داخل نسيج العمل لعل من أهمها الربط بين مصير السيارة الروسية فى الخليج و مصير الاتحاد السوفيتى نفسه ، وأيضا الاشارة الى من يتحدثون العبرية فى فيلا الفنانة المعتزلة فيولا ، وكذلك الربط بين قدرة المهمشين على مواجهة الباشا و بين قيادة شيخ المسجد لهم 0
الخروج من شماوس
قراءة فى رواية أ شرف ابواليزيد
بقلم : احمد رجب شلتوت
" شماوس " عنوان غريب اتخذه الفنان التشكيلى والروائى أشرف ابواليزيد لروايته ولعل ادراكه لغرابة العنوان هو ما دفعه لمحاولة التفسير على لسان اثنين من شخصيات الرواية _ لم يظهرا بعد ذلك , وكأن دورهما انتهى بتفسير الاسم _ يقول الحلاق :
" مرة قالوا اسم فرعونى شام آو آوس , ومرة قالوا اسم العزبة على اسم ام صاحبها واصل باشا و مرات كثيرة يقولون ان الشماسين فى كنيسة ماريا كانوا يسكنون فيها قبل العمار "
أما الاستاذ فيضيف : " تمشى تحت نخيلها وأشجارها فلا تجد الا الظل , وما كانت الشمس تمر الا قليلا , وطلعت اللفظة شماوس و كأنها تصغير لأشعة الشمس" ومن كلام الاستاذ يؤرخ المؤلف لمحنة شماوس بتاريخين : ألاول عام 1911 تاريخ وصول واصل باشا للعزبة _ لاحظ دلالة الاسم _ " قبل مجىء واصل باشا كانت الارض كلها مثل الجنة " فكأن مجيئه حولها الى جحيم 0
وتواصلت المحن مع سلالته :" وآخرهم جاء من حوالى ثلاثين سنة وبنى الفيلات الثلاث على نهاية الأرض الزراعية " فاذا كان الجندى يتحدث الان فان تاريخ بناء الفيلات يعود لمنتصف السبعينات من القرن العشرين, أى مع تطبيق قوانين الانفتاح الاقتصادى وما تبعها من تحولات
سياسية واجتماعية وليست اقتصادية فقط وعن أثر هذه التحولات يقول الجندى : " الارض زرع فيها حجر واسمنت وحديد مسلح بدل القطن والموالح والنخيل" و يقول الصحفى :" مقاليد السوق أصبحت بيد من يستطيع أن يكون أكثر سوقية " 0
بعد هذا الفصل التمهيدى ( الطريق الى شماوس ) تبدأ الرواية الحقيقية - وعبر 65 فصلا مرقما _ وهى رواية الصراع بين الفيلات وساكنيها / السلطة من ناحية وبين أهل العزبة / الشعب من ناحية أخرى 0 فلكل من قطبى الصراع عالمه ، والسيطرة أو الهيمنة هى المعلم الوحيد لعلاقة الفيلا / العزبة0 وأعتقد أن مفتاح الرواية يتمثل فيما قاله مدرس الجغرافيا والتاريخ " نبيل زينهم " لابن أخته " عماد كمال - لاحظ أيضا دلالة الاسماء – نقرأ فى صفحة 233 :
" أنظر أين تقع الفيلات الثلاثة ؟ فى الاعالى0, والارض والعزبة تحت 0 أنت لو دخلت الحرب لازم تكون قادر على قلب الجغرافيا , وكذلك قادر على تحمل النتائج ولن تكون وحدك من يتحمل النتائج 0 كلنا سنشرب من الكأس ذاتها 0 أنا وأمك وأبوك وأصحابك , ولا أبالغ اذا قلت لك انهم لن يعاقبوك وحدك لو أخطات بل سيعاقبون شماوس كلها "
فالفيلات الثلاثة وفدت على القرية لتصبح مركزها ومحركة الاحداث فيها , ولتصبح ايضا مركز الرواية فكل الشخصيات تدخل الفيلات و تتحدد مصائرها بيد ساكنى الفيلات كما سنرى 0
يبدأ الفصل (1) بالصحفى مصطفى سليمان فى طريقه الى شماوس للقلء الفنان التشكيلى كريم عبد المجيد بمناسبة معرضه الاستعادى , يصور لنا أشرف ابواليزيد الطريق الى شماوس بريشة وتعتبر الفنان - وقد تخفى خلف قناع الصحفى الراصد بحيادية ومن الخارج لملامح المكان _ فنرى :
" النيل الى اليمين ، ومعه كورنيش ممتد بطول الزمن ، ومبانى القاهرة الى اليسار ، تتفاوت المسافات بينها كما تتباين الارتفاعات 0 مركب على اليمين وفندق على اليسار, شراع يتهادى هنا و مئذنة تتشاهق هناك0 أغان ترقص فوق الموج , وجرس كنيسة ينتظر فى مهده قيام يوم الاحد" و بعد هذه الصورة السياحية يلمح المؤلف الى الى انحدار الواقع بجملتين يسوقهما باقتدار: فعبر كاسيت السيارة يأتيه صوت المطرب الشعبى مغنيا : " بحبك ياحمار " ويمتزج معه فى ذات الوقت صوت السائق : " وصلنا يا أستاذ " فكأنه يقصد بالوصول معنى مزدوجا :
- الوصول الى شماوس وهو المعنى المباشر
- و الوصول الى الانحدار الذى تعبر عنه الاغنية ، والذى تعانى منه شماوس فى الرواية
أحزان رسام الفرحة :
يعرف الفنان كريم عبد المجيد نفسه للصحفى قائلا :
"أنا انسان بسيط جدا 0 عشت طول عمرى وسط الناس لأنى أعتبر نفسى ابنهم وأخاهم وأباهم أيضا 0 رسمت المراكب فوق النيل ورسمت العشاق فوق المراكب0 ورسمت الفرحة فوق وجوه العشاق 0 تقدر تقول عنى انى رسام الفرحة 0 لكن هذا كله كان قبل السفر " فما الذى تغير فى السفر ؟ هل لم يعد الفنان قادرا على رسم الفرحة ؟ أم لم تعد هناك فرحة ؟ تقترب الرواية من الفنان العائد الى وطنه بعد فترة من الاغتراب , بجزء من مدخراته يشترى الفيلا الوسطى ( هو من ساكنى الفيلات لكنه بحكم تكوينه الثقافى والنفسى ينتمى لناس شماوس ، لذا أسكنه المؤلف الفيلا الوسطى باعتباره وسطا بين طرفى الصراع )
ولعل اختياره لمكان مثل شماوس يعبر عن محاولته للعودة المستحيلة الى التناغم القديم مع الطبيعة والكون 0 هنا ندرك عمق التغيرات السلبية التى حدثت فى المجتمع خلال سفر الفنان – و ليس بسبب سفره – وهى التغيرات التى يستشعرها وان لم يعرف لها سببا ، لذا يقول للصحفى بعد أن يعبر عن مخاوفه : " لست ادرى هل هذا ذنبى أم انه ذنب من لم يسافر؟ " والحقيقة التى تكشف عنها أحداث الرواية انهم ضحايا وليسوا بمذنبين0 فقد أدرك أن الهدوء المصطنع الذى عاشه فى الغربة تلاشى بمجرد عودته ، فما حدث له جعله يدرك أن المشى جنب الحائط لا يضمن له ألا يميل الحائط عليه0
الفنان اشترى الفيلا الوسطى بمدخرات الغربة قبل أحد عشر عاما لكن جاره اللواء بمباحث امن الدولة ( اشترى الفيلا بمكافأة نهاية الخدمة )يريد أن يشتريها ليتزوج فيها ابنه , يغريه بالمال ويهددده تلميحا والفنان مصر على رفضه, وجارته فيولا تعرض ضعف المبلغ الذى حدده اللواء وهو متمسك بفيلته ( أسماها البستان ) ليضع نفسه فى مواجهة المدفع 0 يقول لابنته قلتُ إنني سأشم الهواء الطبيعي، وسأنظر إلى السماء الصافية التي ترقص فيها السحب مثل فراشات من ندف القطن. سأشرب من نهر النيل الذي تشتاق إليه النفوس، وأجلس في الأمسيات الخريفية على شاطئه. لكنني كنت أطارد السراب، كنتُ أعدُ الأيام حتى أعود لمصر، كل يوم يقربني منها. كل سنة دراسية تنجحين فيها تجعلنا نقترب خطوة فخطوة. كنت أتمنى أن أمضي باقي أيام عمري هنا، وأن تعيشي أنت الأيام التي تمنيتُ أن أعيشها تحت سماء حانية ولم أستطع. تحملت قسوة ليالي البرد والوحدة. في الغربة عرفت معنى البرد لأول مرة. رغم كل ليالي الشتاء التي عشتها قبل السفر. وعشت اليتم مرتين، مرة بعد وفاة أمي وأنا بعيد عنها ومرة بعد وفاة أمك بين يدي رحمهما الله0
ثلاثة خيوط
ينسج الروائى حبكته بواسطة ثلاثة خيوط أساسية تتشابك مع الخيط الرئيس المتمثل فى شخصية الفنان التشكيلى د0 كريم عبد المجيد ، وهذه الخيوط هى :
دنيا ابنة الفنان التشكيلى وتلميذه عماد و نرجس شقيقة عماد 0
دنيا لم تكن مجرد ابنة للفنان بل كانت كل دنياه خاصة بعد موت امها 0 يقول لها في الرواية: أنا آسف يا ابنتي. وعدتك بالجنة، مثلما وعدت نفسي، لكننا لم نجد هنا سوى النار0 أراد لها أن تنشأ نشأة صالحة وأن تواصل مسيرته فى الفن 0 لكن قلقا غامرا يعصف به فيضيق على الفتاة ويكلف السائق بمراقبتها لكن احتياطاته لاتمنع القدر , اذ يراها ويعجب بها الضابط هشام ابن اللواء وجيه عصام الدين 0
وعماد كمال الطالب بكلية الفنون يراه أستاذه بالصدفة وهو يمر بجوار الفيلا فيستوقفه ويسأله عن سبب قدومه للمكان ، ولما يعلم انه من أهل شماوس يدعوه لدخول الفيلا وشرب الشاى ، يبدو ان الفنان يتوق للتواصل الانسانى مع بشر أمثاله لذا يفتح قلبه وبيته لعماد الذى يتخذ من الاستاذ قدوة , وبدوره يعتبره الاستاذ ابنا 0
أما نرجس فكانت مثل زهرة برية يتداعى عليها ساكنى الفيلتين الاخريين 0 نراها فى الرواية لأول مرة من خلال عينى اللواء وجيه الذى يأسف لأنه لم يعرفها من قبل ( ربما كان سينزل ببزته الرسمية ليعترضها ، بل ربما اكتفى بارسا ل عسكرى بشريطين اليها ليخبرها ان الباشا فى الانتظار 0 و كان سيحصل عليها برضاها أو غصبا عنها 0 امام أهلها أو بدون علمهم0)
هذا المقتطف لايبين فقط عن نفسية الباشا و مدى سطوة سلطته بل ينم أيضا عن فتنة نرجس التى حركت شهوة الباشا وشجونه0
الباشا اعتاد رؤية نرجس أثناء ذهابها الى فيلا فيولا ( التى اعتزلت الفن أو اعتزلها فعملت بالتجارة ، و ا صبحت تعقد صفقاتها مع نهاية الليل وتستخدم نرجس فى الترجمة بينها وبين ضيوفها الاجانب )وحين يلمح الباشا لفيولا عن رغبته فى نرجس تحذره لكنه يصر ويحاصر الفتاة ويغريها بخاتم ماسى وبوعد بالزواج وليؤكد نيته يعرفها بابنه هشام ويقدمها له باعتبارها خطيبته فما كان من هشام الا أن أطلق عليها الكلاب المتوحشة التى تحرس الفيلا لتمزق جسدها 0 وهكذا تخلص من منافسة تصورها تنازعه فى الفيلا والميراث ، هذه الوحشية تبدت مرة ثانية حينما رغب هشام واحد أصدقائه الضباط فى تأديب الفنان التشكيلى لرفضه الارتباط بين دنيا وهشام , فالصديق وهو ضابط بمباحث الاداب لفق فيديوكليب للفنان فى وضع شاذ مع حمار ( الفنان بعد عودته اعتاد رسم الحمير و ذكر فى مقابلة صحفية أن مهمته هى اعادة الاعتبار للحمار المظلوم من البشر ) وبثه عبر الانترنت وارسله الى الهواتف النقالة لكل من له صلة بالفنان وابنته , حتى حينما فكر الفنان فى الهرب الى الجامعة الخليجية التى عمل بها قبل العودة فوجىء بأن الفيديو كليب قد سبقه اليها0
فكأن الضابط وزميله كان يعرفان كل شيىء عن الفنان حتى علاقته الفنية بالحمار وقد استغلاها لتأديبه حسب رغبتهما ، وبالطبع استغلا سلطة وامكانيات وظيفتهما لتلبية نوازعهما المنحرفة0 وهذا مايفعلانه مرة ثالثة مع عماد0
عماد هو تلميذ الفنان , وهو أيضا شقيق نرجس التى نهشتها كلاب الباشا , حينما تسلم ملابس أخته ومتعلقاتها من المستشفى وجد فيها خاتم الماس الذى اهداه لها الباشا وحتى يتأكد من حقيقة أخته بحث حول الخاتم واستطاع بمعاونة الاصدقاء أن يعرف الحقيقة فقرر أن يرد لأخته اعتبارها 0
وكان لابد للباشا أن يعرف ما حدث فعيونه مبثوثة فى كل مكان 0 لذا هاتف الباشا ابنه ليخلصه من الورطة , وتصادف أن الابن كان يريد اصلاح ما حدث للفنان
فألهمته المكالمة حلا مثاليا من وجهة نظره0
سرب للصحف أنباء عن القبض على شخص زور فيديو كليب يسىْ للفنان التشكيلى0 وأرسل من اختطف عماد 0 الى هنا والاحداث تسير وفقا لهوى الباشوات, لكن النهاية خالفت التوقعات , فأصدقاء عماد الذين عرفوا الحقيقة ذهبوا لشيخ المسجد ليعلموه بالامر فلما قصد الباشا عامله بغلظة وكبر مما جعل الشيخ يقتنع بانه وراء مصيبتى العزبة فى نرجس وعماد , لذا أعلن الحقيقة على الملأ فى المسجد ودعا أهل شماوس ليذهبوا معه مرة اخرى الى الباشا ، نهض الجميع معه لكن صلافة الباشا وابنه سدت منافذ الحل , بل ان هشام أطلق الرصاص على الجمع المحتشد فأصاب أحدهم ، وتتصاعد الاحداث لتحترق الفيلا بمن فيها , لكن الباشا كان قد اتصل بشرطة المعادى والامن المركزى وكافة أجهزة الداخلية حاكيا عن هجوم الاهالى على فيلته ، وبالطبع هبوا لنجدته لتنتهى الرواية والفنان فى سيارته الخارجة من شماوس يرى : " سيارات شرطة وخلفها سيارتا اطفاء وبعض العربات الضخمة للأمن المركزى0 كان حشد السيارات يشبه قطيعا بريا وراء فريسة "0
نهاية مفتوحة
هكذا تنتهى الرواية وقد هب أهل العزبة للدفاع عن شرفهم وكرامتهم بينما تتدافع نحوهم فلول السلطة الغاشمة لتكسر انتفاضتهم ، فمن منهما ينتصر؟ سؤال لم
تجب الرواية عنه ليس لأنه بلا جواب ولكن لأن كل ما حدث طوال الرواية يؤكد انتصار الاقوى بينما تلمح النهاية لتعديل ميزان القوى لصالح المهمشين ان أدخلوا المسجد معركتهم ، فان الرواية تقول أن العدل لن يتحقق اذا لم يسد الايمان0 فانتصار المظلوم معلق على شرط غير متحقق الان كما أن المعركة بين الخير و الشر قائمة منذ بدء الخليقة ولم يحسمها طرف لصالحه0
ملاحظات أخيرة
_ فى الفصل الأول التقينا بروائى يبحث عن موضوع لروايته الجديدة ، وفى 65 فصلا مرقما حكى لنا الروائى روايته بضمير الغائب ، فكأنه لم يقص علينا الا ما سمعه من الاستاذ والحلاق وربما غيرهما ، لذا غابت الشخصيات الثلاثة ابتداء من الصفحة التاسعة وحتى نهاية الرواية ولعل ذلك يفسر ميل الرواية لرصد الاحداث من الخارج وعدم التعمق 5فى دواخل العديد من الشخصيات واهمال بيوت الفقراء اذ وقفت الرواية عند الفيلات التى ظلت بؤرة للأحداث طوال الرواية0
_ كما لاحظنا فان اسماء الشخصيات كانت محملة بدلالات تدعم توجه الرواية ، فالفنان كريم وابنته دنيا ( هى كل دنياه) وتلميذه الأثير عماد كمال و استاذ التاريخ نبيل زينهم وهكذا أغلب الاسماء ذات دلالات ايجابية واضحة , وكذلك نرجس فقد منحها المؤلف اسم زهرة يرتبط لونها بالشجن كما أن الزهور بعامة قصيرة العمر0
أما بالنسبة لساكنى الفيلات فدلالات اسمائهم تكون مناقضة لمسلكهم ، فالباشا اسمه وجيه عصام الدين يوحى بصفتين تمنحهما السلطة بينما تصرفاته خسيسة بلا وجاهة ولا عاصم من دين أو أخلاق يمنعه من غيه0 وكذلك زميل ابنه عمر عبد اللطيف ومسلكه يتسم بالغلظة والبعد عن اللطف 0 أما فيولا وهى غريبة عن المكان وناسه ولا تختلط الا بالغرباء والاجانب لذا كان لابد لها من اسم دال على ذلك0
_ يبدو أثر ممارسة اشرف ابواليزيد للفن التشكيلى فى أكثر من موضع فى الرواية
ليس فقط فى اختياره لفنان تشكيلى ليكون أهم شخصيات الرواية ، وانما أيضا فى العديد من التشبيهات مثل ( أرى السماء تتوهج وكأنها خريطة على بالتة ألوان )
و أيضا على مستوى الصورة فالكاتب كان يصف المكان وكأنه يصوره بريشته
" النيل الى اليمين ، ومعه كورنيش ممتد بطول الزمن ، ومبانى القاهرة الى اليسار ، تتفاوت المسافات بينها كما تتباين الارتفاعات 0 مركب على اليمين وفندق على اليسار, شراع يتهادى هنا و مئذنة تتشاهق هناك0"
_ تأثرت تقنيات سرد رواية شماوس بأسلوب السرد السينمائى ؛ حيث يكتب مقاطع تصويرية تتراوح قربًا وبعدًا بانتظام ، وتتميز بحركية سلسلة ، وترصد الشخصية من الخارج ، ويختار الأفعال ذات الدلالة المتحركة ، وكل ذلك من شروط الأسلوب السينمائي
و أيضا لم يسترسل الكاتب في رصد التفاصيل بل لجأ للمونتاج الزماني والمكاني وإختار من ركام التفاصيل ما يخدم روايته0
_ لم يحل التصوير من الخارج و عدم الغوص فى دواخل الشخصيات دون الكشف عن رأى الكاتب فيما يشهده مجتمعة من تحولات فالرواية كلها شهادة ادانة لهذه التحولات كما امتلأت الرواية باشارات صغيرة لكنها دالة ومبثوثة بعناية ومهارة داخل نسيج العمل لعل من أهمها الربط بين مصير السيارة الروسية فى الخليج و مصير الاتحاد السوفيتى نفسه ، وأيضا الاشارة الى من يتحدثون العبرية فى فيلا الفنانة المعتزلة فيولا ، وكذلك الربط بين قدرة المهمشين على مواجهة الباشا و بين قيادة شيخ المسجد لهم 0 أظهر الكل ..
تحميل ..
نُبْذة
احمد رجب شلتوت
@arshaltout
عضو 2016-04-20 16:48:55
المكتبة مشاهدة الكل
المتابِعون (34)
مشاهدة الكل
المتابَعون (13)
مشاهدة الكل