- أعلمُ أنّ هذا الأزرق الجميل يقتلني يوما.
أجاريه مستزيدا وأنا لا أكاد أفهم:
- لكنّك قلت إنّه يحبّك.
- بعض منّي يشتاق إلى بعضه. يكون لقاؤنا حلولا.
يدير وجهه نحوي لا يخفي بسمة استهزاء حنون:
- تفهم يوم ترى.
ويعود إلى اللّجة يرمقها حالما ونسمات البحر تداعب شعر رأسه ولحيته.
يتورّد الماء بلون الغروب وقرص الشّمس يغوص رويدا. وفي السّماء طيور تؤوب فر ... يقضم أظافره محدّقا في الأفق. يبعد يده عن فيه ويقول مغمغما كأنّما يحدّث نفسه يمتزج صوته بصوت الموج على الصّخر مدّا وجزرا :
- أعلمُ أنّ هذا الأزرق الجميل يقتلني يوما.
أجاريه مستزيدا وأنا لا أكاد أفهم:
- لكنّك قلت إنّه يحبّك.
- بعض منّي يشتاق إلى بعضه. يكون لقاؤنا حلولا.
يدير وجهه نحوي لا يخفي بسمة استهزاء حنون:
- تفهم يوم ترى.
ويعود إلى اللّجة يرمقها حالما ونسمات البحر تداعب شعر رأسه ولحيته.
يتورّد الماء بلون الغروب وقرص الشّمس يغوص رويدا. وفي السّماء طيور تؤوب فرادى وأزواج وسحابات صفر ذهب وحمر دماء. وغيض الضّوء وليل يقدم على استحياء. وهو هو في ذهوله لا يزال وبي رجاء ألاّ ينتبه فنبقى. راق لي الجمال والسّكون ورقّت نفسي وتفتّحت للحلم.
- أمّا محمود فلن يعود... لم أر البحر أقسى ولا أشدّ حنقا من تلك اللّيلة...
أجفلت. صوته وقد عاد يحدّثني انتزعني انتزاعا من عوالم بعيدة كنت فيها.
"كانت ليلة نوء شديدة الحلكة قويّة الرّيح. وكنّا خائفين. أجل أربعة بحّارة غلاظ شداد تحدّينا النّوء مرارا. حدّقنا في عيني الموت فابتعد مهزوما. ليلتها خفنا. لم ينبس أي منّا لكنّ... هل تعرف رائحة الخوف؟ هل جرّبت ملمسه؟ كان هناك حاضرا بيننا..."
صمت مجدّدا فكأنّما أسمع تلاطم الموج وأترنّح مع المركب قشّة تلهو بها اللّجّة وأجد في حلقي الجافّ ملوحة الزّبد. أرى زنودا ثمانية سمرا تصارع تشدّ تجذب ترفع وتهوي تذبّ الموت، تتعلّق بتلابيب الحياة.
"صحبت الكثيرين في حلّي وترحالي وقد قضّيت من سنيّ عمرى على ظهور المراكب أكثر ممّا قضيت على أديم الأرض. لم أر أشدّ منه بحّارا ولا ألين قلبا أو أكرم خلقا. كان في الأربعين قويّ البنية مفتول العضلات لا يهاب عاصفة ولا ينكص أمام صعب. يستثير فيه الخطرُ لذّة العراك ورغبة الانتصار. كان البحّارة يقولون لا تُهزم سفينة ربّانها محمود..."
(من: "صور رافقتني") أظهر الكل ..
تحميل ..
عبد الرحيم النصيري
كان يمكن أن تكون
لحظة جميلة فارقة
لولا الريح والأتربة
وشيء من نزق الطفولة
شبّ
وكرهي الفطري للإنتظار
وأنت...
وعد يجيء
ووعد يروح
ولا شيء منك
يعيد الزّمان إليّ
مطيعا
ولا شيء منك ينفض
ما علا من غبار
***
يزوم القطار
كثور السواقي
ويعدو الهوينا
وتبدين قربا بعيدا
وحزنا سعيدا
وأرفع كف الوداع
مشيرا لحزني
هو التيه قبل
هو الموت بعد
وذا الاحتضار
***
يسير ا ... وراء الـقــــــــطار
عبد الرحيم النصيري
كان يمكن أن تكون
لحظة جميلة فارقة
لولا الريح والأتربة
وشيء من نزق الطفولة
شبّ
وكرهي الفطري للإنتظار
وأنت...
وعد يجيء
ووعد يروح
ولا شيء منك
يعيد الزّمان إليّ
مطيعا
ولا شيء منك ينفض
ما علا من غبار
***
يزوم القطار
كثور السواقي
ويعدو الهوينا
وتبدين قربا بعيدا
وحزنا سعيدا
وأرفع كف الوداع
مشيرا لحزني
هو التيه قبل
هو الموت بعد
وذا الاحتضار
***
يسير القطار
تصير الوجوه
جميع الوجوه
وجها وحيدا
وشالا حريرا
وشعرا طويلا
وتنورة من نضار
وعنقا وجيدا
وسحرا فريدا
تناءى وحيدا
وغاب بعيدا
وراء القطار
***
يطير القطار
وفي القلب أحمل
بعض الحديث
بقايا أغان
ترانيم ذكرى
وأيقونة من بخار
وزوجي حمام
وأحلام عش
وحَبّا وحُبّا
وريحا تصفّر
وغصنا تكسّر
ببعض الشجار
***
وذات خريف
وأيام ريح
بغاب جميل
وأوراق حبّ
تهاوت بدرب
صفرا وحمرا
على الدرب سرنا
سراعا طويلا
وغاب الكلام
بغاب الشجون
وطال السكون
والإنتظار
***
- علينا أن نفترق.
- غدا أغادر.
- سأكون في وداعك
وجئتِ...
وجدتكِ في قاعة الانتظار
ولولا الريح والأتربة
لرأيتِ الشوق في وجهي وقلبي.
قبل أن أغادر
أهديتك ورقة خريف حمراء جميلة بشكل قلب
سقطت لتوّها.
ثم جاء القطار. أظهر الكل ..
تحميل ..
مددت النّقود لصديقي.
- ها أنا عند وعدي. ألم أقل لك؟ لقد انطلت عليه مرّة أخرى. أعجب لسذاجته رغم...
قاطعني صديقي:
- ما هذا؟ لقد التقاني صباحا وأعطاني المبلغ قائلا إنّك بعثته معه.
- ماذا تقول؟ لم أقل له إنّي اشتريت منك شيئا. قد أخبرته أنّ المعلّم طلب منّا أن نحضر النّقو ... تلك المرّة كانت أيسر من كلّ سابقاتها، أيسر بكثير ممّا ظننت وممّا خطّطت. بدا عليه أنّه صدّق كلامي منذ الوهلة الأولى وناولني النّقود بابتسامة عريضة. عدوت للقاء صديقي مزهوّا وأنا أفكّر في كلمات الفخر التي سأقول له.
مددت النّقود لصديقي.
- ها أنا عند وعدي. ألم أقل لك؟ لقد انطلت عليه مرّة أخرى. أعجب لسذاجته رغم...
قاطعني صديقي:
- ما هذا؟ لقد التقاني صباحا وأعطاني المبلغ قائلا إنّك بعثته معه.
- ماذا تقول؟ لم أقل له إنّي اشتريت منك شيئا. قد أخبرته أنّ المعلّم طلب منّا أن نحضر النّقود لتزيين قاعة الدّرس. وكان واضحا أنّه لم يرتب في كلامي أبدا. وأعطاني ما طلبت.
- لا أفهم... على كلّ وصلني الثّمن وحلال عليك الفخّ.
أمّا أنا فما أسرع ما فهمت. إلهي كيف عرف؟ لماذا جاراني وقد كان يعلم أنّني أكذب؟ أنا الذي حسبته غبيّا يصدّق كلّ أكاذيبي. عدوت عائدا حيث تركته. لم أتمالك نفسي. ارتميت في حضنه وأنا أبكي بكاء مرّا يشي بكلّ احتقاري لنفسي وخجلي.
مسح على رأسي مبتسما باشّا كأنّما لم يحدث شيء.
- الحمد للّه لم يخب ظنّي فيك. كنت أنتظر هذه اللّحظة. جميل أنّك فهمت أخيرا. معدنك طيّب. أن أكره بعض سلوكك لا يعني أنّني أكرهك.
اشتدّ بكائي فقبّل رأسي. ثمّ قهقه:
- عددتها. أربعة عشر كذبة. أو هذا على الأقل ما تفطّنت إليه. كنت كلّ مرّة أتمالك نفسي كي لا أضحك. وأعجب أنّك فعلا تتصوّرني غبيّا إلى تلك الدّرجة. لم أصدّق يوما أنّك غبيّ إلى درجة أن تصدّق أنّني صدّقتك.
رفع يدي إلى فمه يقبّلها ثمّ قال:
هلاّ جرّبت معي الصّدق ورأيت منّي ما يكون أظهر الكل ..
تحميل ..
يـَا كُلَّ عُمْرِي وأشْوَاكِـي ومَمْلَكَتِي وجُرْحَ قَلْبِي وتِرْيَاقِي الذِي بَقِيَـــا
عَهْدًا عَلَى العَهْدِ أبْقَى مَا اكْتَسَى فَنَنٌ حَتَّى يُقَالَ فَتًى قَدْ مَاتَ أو شَقِيَـــا أهْدَتْنِي طَلاًّ وعِـطْرًا وانْثَنَتْ خَجَـلاً لِلَّــهِ مِـنْ هَــادٍ ولِلَّـهِ الـذِي هُدِيَــا
يـَا كُلَّ عُمْرِي وأشْوَاكِـي ومَمْلَكَتِي وجُرْحَ قَلْبِي وتِرْيَاقِي الذِي بَقِيَـــا
عَهْدًا عَلَى العَهْدِ أبْقَى مَا اكْتَسَى فَنَنٌ حَتَّى يُقَالَ فَتًى قَدْ مَاتَ أو شَقِيَـــا أظهر الكل ..
تحميل ..
في لحظة ملل قال لأحلامه: "اذهبي فأنت الطّليقة. لم تعد بي حاجة للتّعب..." ومن يومها أدمن الرّتابة والابتسام. (صور رافقتني – "قلب الشّمعدان")
تحميل ..
(صور رافقتني - "قلب الشّمعدان") أظهر الكل ..
تحميل ..
و... حدّثكم... من حلب... وومضة الإشهار. صابون ديتول لن ينظّف جراثيم عارنا يا سفلة. فظيع. تحيا حلب. تقصف حلب. تسقط حلب. نحن حلب. حلب أخرى حلب. من حلب يأتينا نعي الإنسان فينا. قصفوا فينا الكلام والضّمير والشعور. ونسأل عن نسب القاذفات. تناثرت أشلاء إنسانيتنا جثثا متفسّخة. سالت دماء بشريّتنا المفتضّة. نصف رأس وساق بلا ركبة وظفيرة صبيّة تخرق الرّكام وسبّابة رضيع مغمض العينين دامي الوجه والثياب تُشهد السّماء وشيخ يصيح بنصف الدّعاء لم يمهله الانفجار وعجوز بدون ما يجعل النّساء نساء. ومئذنة مبقورة.
و... حدّثكم... من حلب... وومضة الإشهار. صابون ديتول لن ينظّف جراثيم عارنا يا سفلة.
لا دامت سلطة دعائمها جماجم الأطفال
سحقا لتحزّب يشرّع سفك الدّماء
وليسقط الجميع. القتلة والمشجّعون والمتفرجون والمتألّمون بروح رياضيّة
ولأسقط أنا الشّاهد الجامد
من شاشة أتابع الأخبار وأبرئ نفسي إذ أقول لا طاقة لي اليوم بجنوده
أمّا هو فلن يلطّخ حذاءه المستورد ببراز أطفال حلب الخائفين
اهنؤوا، ثيّب حلب... تعوّدت ركوب الأوغاد.
لن تحرج صرخات بكارتها آذانكم الموقّرة ولن تْعْدموا ابن زانية يشهد أن الحمل حلال
ويطلب العقيقة. أظهر الكل ..
تحميل ..
مَا اليَوْمُ يَا أَيُّهَا الآتِي سِوَى مَرَّة أُخْرَى، نَدَامَى للظَّلاَمِ... يُهَيِّؤونَ المَذْبَحَ والمسلخ والمَدْفَنَ والنَّائِحِينْ... وَيَهْتِفُونَ مُكَبِّرِينَ مُهَل ... يَا أَيُّهَا اللَّيْلُ المُلَفَّعُ بِالهُمُومِ وبِالوُجُومِ وبِالسُّهَادِ يَعُودُ لِي... تَعِبًا... حَزِينْ... يَكْسِرُ خَاطِرِي، وَيُرِيقُ نَسْغَ أَحْلاَمِي الصَّغِيرَة والذَّبِيحَة لَذَّةً للسَّاهِرِينْ... وَدَمًا بِطَعْمِ اليَاسَمِينْ... حِمَمًا تُحَرِّقُ مُهْجَتِي... تَحْتَ الرَّمَادْ... أَبَدًا تُعَادُ، كُلَّ حِينْ.
مَا اليَوْمُ يَا أَيُّهَا الآتِي سِوَى مَرَّة أُخْرَى، نَدَامَى للظَّلاَمِ... يُهَيِّؤونَ المَذْبَحَ والمسلخ والمَدْفَنَ والنَّائِحِينْ... وَيَهْتِفُونَ مُكَبِّرِينَ مُهَلِّلِينْ... أَنْ هَهُنَا أَمَلٌ يُبَادْ... أَلَا ابْشِرُوا... بِالضَّوْءِ... يَقْنُصُهُ السَّوَادْ؟ أظهر الكل ..
تحميل ..
يا من مضوا، رويدكم، رحماكمُ، هذا أنا أحبّتي. هنا أحبّتي أختبئ.
يا ما مضى، أجبني.
هل يغدر التّرابُ والغمام؟ هل تبلع المغاورُ الأطفالَ والأصواتَ والكلام؟ هل ترهب الأحجارُ أناملَ الصّبيان؟ أتُنكرُ الأوراقُ وتنكثُ الأكمام؟ هل يمكنُ النّسيان؟ يا هذه الأحراش يا مراتع الصّبى ملاعب الخلاّن، عدتُ فلم أجدني. غيّرني الزّمان. الوجه غير الوجه والشّعر غير الشّعر والقلب... ظلّ القلب، لم يتبعني. وحده المقيم، وحده السّقيم، وحده الحريق في قصب النّسيان.
يا من مضوا، رويدكم، رحماكمُ، هذا أنا أحبّتي. هنا أحبّتي أختبئ.
يا ما مضى، أجبني.
هل يغدر التّرابُ والغمام؟ هل تبلع المغاورُ الأطفالَ والأصواتَ والكلام؟ هل ترهب الأحجارُ أناملَ الصّبيان؟ أتُنكرُ الأوراقُ وتنكثُ الأكمام؟ هل يمكنُ النّسيان؟ أظهر الكل ..
تحميل ..
- وهل تضحك الأشجار وتبكي يا جدّتي؟
وتواصل جدّتي سرد الحكاية غير عابئة بأسئلتنا كأن لم تسمعها...
لأمر ما كانت تلك أفضل حكاياتها لدي. أعادتها مرارا ولم أملّ سماعها. وكثيرا ما تعيد جدّتي سرد حكاية تحت إلحاحنا أو حين ينضب ما اختزنت ذاكرتها من قصص قد تكون هي أيضا سمعتها من جدّتها.
"ك ... حين أرى في عينه نظرة الحالم تلك، أعرف أنّه سيقول أحسن حديثه. أسلم نفسي للصّوت له في نفسي فعل الخدر. يستحيل أمامي كلمة تبزغ. تنشد رحب الفضاء. تخرق قمقم واقع قد لا يُعجب وتضيء ضجر المألوف. يومها حدّثني قال:
- وهل تضحك الأشجار وتبكي يا جدّتي؟
وتواصل جدّتي سرد الحكاية غير عابئة بأسئلتنا كأن لم تسمعها...
لأمر ما كانت تلك أفضل حكاياتها لدي. أعادتها مرارا ولم أملّ سماعها. وكثيرا ما تعيد جدّتي سرد حكاية تحت إلحاحنا أو حين ينضب ما اختزنت ذاكرتها من قصص قد تكون هي أيضا سمعتها من جدّتها.
"كان يا ما كان فارس شجاع، دائم الترحال والتجوال، يطارد على حصانه الأبيض حلما بين الغيوم. يعشق الجمال ويحن إلى النجوم. كشمس الربيع محيّاه. صوته كالرعد في النزال. والمطر دمعه إذ يرقّ. الريح عزمه والبرق خطوه. تسيّره الدّروب إلى الدّروب فيطوي الأرض ينشد السّماء. يهوى الزّهر ويتعشّق العاصفة. واللّيل يتبعه النّهار والشّمس والقمر يشهدان.
وللفارس حبيبة. أميرة ممّا أبدع الرّحمان. الوجه بدر والجدائل حلكة. مشيتها خطو الضّياء. صوتها هديل الطير في الخميلة. أمل وضّاء ورقّة لا تدانى.
وساحر يعيش على التّخوم. رآها. أحبّها. وهل يملك غير ذلك؟ خطبها فأبت فخطفها. ذهب بها بعيدا عن أعين العباد. قطع الهضاب والوهاد جاوز الغابات والوديان. وآوى بها إلى جبل عسير رقيّه ظنّه يعصمهما. وعلى قمّته قلعة منيعة تحيط بها جدر من الغابات حيث ضواري الوحوش. وتخنس في أحراشها الأفاعي والهوام.
بحث الفارس عن الحبيبة وأعياه البحث دون جدوى. سأل السماء والسحاب والنجوم والقمر. سأل الشمس والشجر، سأل التراب والحجر. سأل البشر... ولا جواب.
أربعة فصول لا يكلّ ولا يملّ، لم يبرح ظهرً حصانه سرجُه. والشوق مهماز والرجاء ركاب.
ويوما، والفارس بترحاله لا يني، استبد به الحزن وأنهكه وحصانه التعب وكاد يغلب منه اليأس الرجاء، آوى إلى شجرة يسند ظهره إلى جذعها ويستظلّ بفيئها ينشد بعض راحة لجسد فتيّ أضناه تعب قلب معنّى. غلبه الشجن فأسال منه دمعا رذاذ خريف يبلّل ظامئات العروق والجذور.
سمعت الشجرة ورأت. ورقّت فبكت. تناثرت الأوراق صفرا وحمرا. وكانت الشّجرة شهدت في ما مضى الساحر يمرّ يسحب الأميرة الأسيرة وأوجعت سمعها صرخات استغاثتها. رغبت الشجرة الشاهدة أن ترشد الفارس إلى مأسر الحبيبة. فرقت من الساحر الباطش. فراحت تدندن لحنا يثير الشجون يفهمه العشاق يلتقطون إيحاءاته ويفكون رموزه ولا يفقهه شرار السّحرة يبغون ما لا يملكون. أصغى الفارس العاشق فوعى. عرف المكان وطار به الحصان بين الأرض والسّماء. بلغ بغيته وخلّص أميرته وكان الوقت ربيعا...
ابتسمت الشجرة لمرأى العاشقين وضحكت لفرحهما زهورا غضّة وأهدتهما وعدا بثمر لصيفهما وظلاّ ظليلا. وصفا عيش الفارس والأميرة. والشجرة جذلى والطيور حداة.
لذلك، أحبّتي، تذكر الأشجار الفراق كل عام فتدمع أوراقا وترهب بطش الساحر ليل الشتاء الطويل فتطرق حالمة. ثم تشهد اللقاء فتزهر وعدا بالثمار كل صيف..."
يومها ونحن نسير على طرف الغاب الجميل عرفت أن الأشجار يمكن أن تضحك...
في اليوم الموالى أهديتني بطاقة كتبت على ظهرها: "سرنا نطلب الشمس والدفء..." وكلام جميل... أظهر الكل ..
تحميل ..
نُبْذة
عبد الرّحيم النّصيري
@ABDERRAHIM
تونس
-
بوسالم
عضو 2016-03-13 19:42:22
المكتبة مشاهدة الكل
لا كتب لحد الآن في هذه المكتبة
المتابِعون (183)
مشاهدة الكل
المتابَعون (35)
مشاهدة الكل